بيروت ـ ناجي شربل وأحمد عز الدين
تتطلع حكومة الرئيس نواف سلام إلى تجاوز جلسة مناقشة البيان الوزاري لنيل ثقة المجلس النيابي يومي الثلاثاء والأربعاء بأقل تداعيات سلبية على انطلاقتها المنشودة.
وذكرت مصادر متابعة لـ«الأنباء»، أن «التصعيد على جبهة الجنوب هو بمثابة خطاب واضح إلى الداخل اللبناني بأن التصعيد السياسي يقابله تصعيد ميداني، برا من خلال التقدم العسكري لقوات الاحتلال على أكثر من محور على الحدود، وجوا عبر طلعات الطيران الحربي والمسير الإسرائيلي الذي لا يتوقف مع شن الغارات وصولا إلى أقصى الشمال اللبناني».
وتابعت المصادر: «يشدد الجانب اللبناني خلال اتصالاته على ضرورة ممارسة الضغوط لإجبار إسرائيل على الإذعان والانسحاب تطبيقا للاتفاق». وتضيف انه «كلما تمادت إسرائيل في خروقاتها وتلكأت في الانسحاب من لبنان فإنها تشكل تهديدا لاتفاق وقف إطلاق النار».
وترى المصادر أن الدول الراعية للاتفاق و«اللجنة الخماسية» تدرك خطورة استمرار الاحتلال الإسرائيلي على مسار خطة الحكومة للنهوض والاصلاح، لكنها تأمل انه بعد نيل الحكومة الثقة ستفتح الطريق أمام بدء ورشة عمل مكثفة، مصحوبة بتحرك خارجي لتحصين الانطلاقة القوية لعملية بناء الدولة والحصول على المساعدات، في وقت يلف الدمار المنطقة التي تحتاج إلى مشاريع ضخمة من غزة إلى سورية مرورا بلبنان.
وليس سرا أن الحكومة ستنال ثقة وازنة تقارب العدد الذي اقترع لرئيس الجمهورية في انتخابات التاسع من يناير الماضي والبالغ 99 صوتا في الدورة الثانية، كما ان الذين سيحجبون الثقة عن الحكومة لن يتعدوا «المعارضة الإيجابية»، ولن يبالغوا في التصعيد في وجهها.
وقد سعى رئيس مجلس النواب نبيه بري، إلى خفض الوقت المحدد لمداخلات النواب أو «النقاشات الماراثونية»، بحيث دعا إلى جلسة لمدة يومين، وليس لثلاثة أيام كما درجت العادة، بهدف التصويت على الثقة بدون سجالات والحصول على أكبر عدد من التأييد للحكومة.
وبحسب مصادر رسمية فاعلة، تتركز الأنظار على مساعي «تفادي تأجيج الشارع، في ضوء شعور البعض ان عملية إعادة بناء الدولة وإطلاق مؤسساتها، قد تأتيان على حساب مكتسبات كانت عائدة إلى هذا البعض». ودعت المصادر الرسمية، إلى «الأخذ في الحسبان الخصوصية اللبنانية، في ضوء الاندفاعة الدولية، وتحديدا الأميركية إلى طي صفحة كانت قائمة في البلاد، وتحول دون حصرية امتلاك الدولة اللبنانية اتخاذ قرارات مصيرية، في طليعتها ما يتعلق بالحرب والسلم». وشددت المصادر الرسمية على «حفظ السلم الأهلي، ومنع أي فريق من تهديده بشتى الطرق».
في المواقف، أعلنت مفوضة الاتحاد الأوروبي في منطقة المتوسط دوبرافكا شويتسا من قصر بعبدا بعد لقائها رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، أن «المفوضية والاتحاد الأوروبي يدعمان الرئيس عون والحكومة الجديدة، وخصصنا مساعدات للبنان، وهناك مساعدات أخرى مشروطة بتحقيق الإصلاحات».
من جانبه، أكد العماد عون على أهمية التعاون مع الاتحاد الأوروبي والمفوضية الأوروبية، معربا عن رغبته «في المباشرة بالتفاوض حول الميثاق الجديد لمنطقة المتوسط الذي يعده الاتحاد»، والهادف إلى معالجة التحديات المشتركة وتعزيز العلاقات بين الشعوب ودعم النمو الاقتصادي وتعزيز الأمن الإقليمي.
ونوه الرئيس عون بدعم الاتحاد الأوروبي المستمر للبنان، معتبرا أن التعاون مع الاتحاد يشكل أساسا من أساسات العمل المشترك الذي يهدف إلى تعزيز الاستقرار والنمو في لبنان»، مشجعا الشركات الأوروبية على العودة والاستثمار في ربوعه.
وجدد الرئيس عون التأكيد على التصميم على الانطلاق بمسيرة الإصلاحات اللازمة للنهوض بلبنان من جديد والمضي قدما نحو بناء دولة حديثة ومتطورة تلبي طموحات اللبنانيين وتحقق لهم حياة أفضل.
وفي السرايا، التقى رئيس الحكومة نواف سلام وفدا من السفراء العرب. وثمن الرئيس سلام الدعم العربي للعهد الجديد والحكومة، لافتا إلى ان البيان الوزاري «يلتزم استعادة لبنان لمكانته بين أشقائه العرب، والحرص على الا يكون منصة للتهجم على الدول العربية والصديقة». كما شدد «على أهمية الموقف العربي الموحد لمواجهة التحديات المشتركة لاسيما مخطط تهجير الفلسطينيين».
وأطلع رئيس الحكومة السفراء على الاتصالات التي أجراها مع المسؤولين العرب، «بهدف الضغط الديبلوماسي كي تنسحب إسرائيل من كل الاراضي اللبنانية بأسرع وقت».
كما استقبل سلام وفدا من الكونغرس الأميركي برئاسة السيناتور داريل عيسى بحضور السفيرة الأميركية في لبنان ليزا جونسون.
وقدم الوفد التهنئة، مؤكدا دعمه للبنان في مختلف المجالات إلى جانب الدعم المستمر للجيش اللبناني.
وشدد الرئيس سلام «على ضرورة الضغط الأميركي على إسرائيل كي تنسحب بشكل كامل من النقاط التي لاتزال تحتلها في أسرع وقت»، معتبرا أنه «ليس هناك أي مبرر عسكري أو أمني لذلك، وهو يشكل خرقا مستمرا لترتيبات وقف إطلاق النار والقرار 1701 والقانون الدولي وانتهاكا لسيادة لبنان».
إلى ذلك، عقد في القصر الجمهوري اجتماع أمني برئاسة رئيس الجمهورية، وحضور وزيري الدفاع ميشال منسى والداخلية أحمد الحجار، وقائد الجيش بالإنابة اللواء حسان عودة، بالإضافة إلى المديرين العامين لقوى الأمن الداخلي والأمن العام اللواء عماد عثمان واللواء الياس البيسري، نائب المدير العام لأمن الدولة العميد حسن شقير، ومدير المخابرات في الجيش العميد طوني قهوجي، والمستشار العسكري لرئيس الجمهورية العميد طوني منصور. وبحث المجتمعون الأوضاع الأمنية في البلاد، وتطرقوا إلى الإجراءات الأمنية المتخذة لمواكبة تشييع الأمينين العامين السابقين لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين في بيروت الأحد.