بيروت ـ اتحاد درويش
لم تخرج أولى جلسات مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس القاضي نواف سلام عن الإطار المعهود الذي عرفته جلسات مناقشة البيانات الوزارية للحكومات المتعاقبة.
إلا التأكيد على أن لبنان دخل عهدا جديدا يأمل منه أن يكون عهد تغيير حقيقي، وفق ما يتطلع اليه اللبنانيون الذين رحبوا بوصول قائد الجيش العماد جوزف عون إلى سدة الرئاسة.
لذا، فإن الأنظار تتجه إلى الصدمة الإيجابية التي ستحدثها الحكومة الجديدة التي يتمتع وزراؤها بمواصفات مميزة.
وتصدرت الملفات الأساسية والملحة مداخلات النواب. وأجمعت الكلمات على التأكيد على مراقبة عمل الحكومة بعد نيلها الثقة، وعلى ضرورة إعطائها الفرصة للحكم على أدائها.
واستهلت الجلسة للهيئة العامة للمجلس بتلاوة الرئيس سلام لنص البيان الوزاري. وأكد أن أول أهداف الحكومة هو العمل على قيام دولة القانون وإصلاح المؤسسات، وعلى تنفيذ القرار 1701 كاملا. وأعلن التزام الحكومة بوقف الأعمال العدائية والالتزام باتخاذ الاجراءات اللازمة لتحرير جميع الأراضي وبسط سيادة الدولة بقواها الذاتية ونشر الجيش على الحدود المعترف بها دوليا.
وحتى لا يتسرب الملل إلى الجلسة نتيجة المداخلات المطولة، اقترح رئيس المجلس نبية بري على النواب اختصار الكلمات بعد أن تجاوز عدد طالبي الكلام 75 نائبا، مطالبا بأن يتحدث نائب أو اثنين عن كل كتلة تضم فوق 10 نواب، على أن يتحدث النائب نصف ساعة، واذا كانت الكتلة أقل من 10 يتكلم باسمها نائب واحد لربع ساعة، بينما النواب الذين لا ينتمون لأي كتلة فتخصص لهم خمس دقائق فقط. غير أن الاقتراح لاقى اعتراضا واعتبرته النائبة بولا يعقوبيان بأنه منطقي لكنه مخالف للنظام. فرد بري: «لو لم يكن مخالفا للنظام لما اقترحته عليكم».
وتحدث في الجلسة الصباحية نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب وقال: «اننا امام فرصة استثنائية. اما ان نعرف كيف سنتعاطى مع هذه الفرصة أو نعود إلى هذا المكان». وانتقد التدخلات الخارجية في الشأن الداخلي «والذي يشكل نقصا في السيادة».
وأشار إلى أن الرئيس سلام قال إن حكومته متصامنة «وهذا يعطي املا بإحداث فرق. وقال انه سيمنح الحكومة الثقة».
وقالت النائبة بولا يعقوبيان: «هذه الحكومة ليست كما نتمناها. كنا نتمنى أن تشبه رئيس الجمهورية». ووجهت انتقادات لاذعة ورأت فيها أفضل الممكن. وأعلنت أنها ستمنح الثقة للحكومة التي تملك نهجا اصلاحيا.
بدوره، رئيس كتلة «الوقاء للمقاومة» التابعة لـ«حزب الله» محمد رعد، شكر ايران والعراق على دعمهما لبنان في مواجهة العدوان الإسرائيلي. ودعا إلى رفع حظر مجيء الطيران الايراني إلى لبنان. واعتبر أن «الحرب الاسرائيلية كانت خيارا مدروسا ومجهزا بشراكة أميركية لإنهاء حزب الله وتسويق المشروع الأميركي لكن ذلك فشل».
وطالب بموقف وطني حازم ومتابعة من الحكومة ازاء الخروقات الإسرائيلية. وقال: «ثقتنا نعطيها للحكومة انطلاقا من المشاركة فيها».
النائب عن «اللقاء الديموقراطي» هادي أبو الحسن، رأى «أنها محطة مفصلية ينطلق منها قطار العودة إلى كنف الدولة بعد 26 شهرا من الفراغ». وأكد «على ضرورة تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية»، ومنح الثقة باسم الكتلة.
أما النائب جميل السيد فتوجه إلى الوزراء قائلا: «الله يساعدكم ويعينكم». واعتبر «أن الدولة في لبنان مصدر الهموم وليس الشعب». ورأى «أن ما ورد في البيان الوزاري من تعبير للاصلاح يجب أن يكون اصلاحا للدولة وتعبير انقاذ هو انقاذ الشعب من الدولة».
وأكدت النائبة ستريدا جعجع على الموقف من القضية الفلسطينية والمتمثل بتبني كامل مقررات قمة بيروت عام2000، ومنها حل الدولتين وانشاء دولة فلسطينية ذات سيادة تضع حدا لمعاناة الشعب الفلسطيني».
وقالت: «نجتمع اليوم حول حكومة طال انتظارها. كنا في انتظار ولادة عهد جديد، فأتانا عهد منتظر عبدنا طريق الوصول اليه سنين طويلة من النضال المستمر استشهادا اعتقالا واصرارا».
وأضافت: «ثقتنا مشروطة بحسن الأداء والالتزام بما وعدتم به في بيانكم الوزاري. وكما لدينا اليوم الشجاعة في منحكم الثقة سيكون لدينا الشجاعة نفسها بمساءلتكم ومساءلة أي وزير اذا ارتكب أي تقصير أواهمال أو سوء إدارة».
ودعا النائب ميشال ضاهر إلى الغاء السرية المصرفية والعودة أقله عشر سنوات إلى الوراء للاطلاع على التحويلات. كما طالب بتحسين الوضع الاقتصادي وايجاد حل لأموال المودعين، ودعم الجيش وتسليحه لفرض وجوده على الأرض. وقال: «ثقتي لكم وأشد على أيديكم».
وقال النائب فؤاد مخزومي عن غياب مصطلح المقاومة» إن البيان الوزاري أبقى مسألة السلاح مطاطة، اذ انه ذكر أن حق الدفاع يعود إلى لبنان وليس إلى الدولة اللبنانية».
واعتبر أن أهم ثغرة في البيان الوزاري أنه لم يذكر رفع السرية المصرفية وتعديل القانون الحالي غير الفعال والتدقيق المصرفي، كما أنه لم يذكر التحويلات التي حصلت عام2019. وختم بمنح الحكومة الثقة على أن تكون العبرة في التنفيذ.
وقال رئيس «تكتل لبنان القوي» النائب جبران باسيل: «نحن موافقون بالكامل على ما ورد في البيان الوزاري لجهة القرار 1701 وتحرير كل الأراضي واحتكار حمل السلاح وقرار الحرب والسلم واستراتيجية الدفاع».
كما سأل: «ما الفرق الكبير بين النص السابق «حق اللبنانيين في مقاومة الاحتلال والنص الحالي» حق لبنان بالدفاع عن النفس، واتخاذ الاجراءات اللازمة كافة لتحرير جميع الاراضي اللبنانية من الاحتلال الاسرائيلي؟ الفرق ان حزب الله ارتكب خطأ استراتيجيا كبيرا. الفرق ان حزب الله خسر في حرب اسناد غزة ووحدة الساحات وخسرنا معه معادلة ردع إسرائيل، وخسر الشرعية الوطنية بمقاومة إسرائيل وحده، فتم حذف كلمة مقاومة من البيان الوزاري. ولكن لم يفقد لبنان شرعية مقاومة الاحتلال، ولا فقد حزب الله شرعيته الشعبية».
وسأل ايضا: «ما الفرق بين استراتيجية دفاعية واستراتيجية امن وطني، أو بين مناقشة وحوار وطني؟ لا فرق الا المناكدة السياسية ومن قال الجملة».
وأضاف: «كلنا نصفق لكل خطاب قسم أو لكل بيان وزاري، ولكن ننقسم على وثيقة التفاهم الموقعة بين الحزب والتيار في 2006، ولو لديها المعنى نفسه..دعونا نرى الأفعال. اليوم كلنا موافقون على البيان وحزب الله موافق على القرار 1701 واتفاقية وقف إطلاق النار وهو شريك معكم في الحكومة والتضامن الوزاري، فتفضلوا إلى التنفيذ ونحن معكم».
وتابع: «يتكلم البيان الوزاري عن رفض التوطين، لكن لماذا الكلام خجول عن حق الدولة في ممارسة سلطتها على الاراضي اللبنانية، ومن ضمنها المخيمات الفلسطينية، في ظل الحفاظ على كرامة الفلسطينيين وحقوقهم الإنسانية ما المقصود؟».
وأضاف باسيل البيان: «توصيف البيان الوزاري العمل على حل قضية النازحين السوريين، والتي لها تداعيات وجودية على لبنان ان لم تتحقق عودتهم إلى وطنهم. هذا كلام يقال عام 2011، لا في 2025. النظام السابق الذي قامت الثورة السورية ضده سقط، ولا مبرر لبقاء أي نازح. تقدمنا في التيار باقتراح قانون يدعو إلى ترحيل النازحين خلال فترة ستة اشهر، وهذا يتطابق بالكامل مع القانون اللبناني والقوانين الدولية، وعلى الوزراء تحديد موقفهم وعملهم تجاه ملف النزوح السوري لأن الجميع تساهل في هذا الملف».
وأضاف: «ليس في البيان توجه اصلاحي واضح، فيه كلام عمومي قاصر عن معالجة لمكامن الانهيار المالي وهي: 1-الاقتصاد الريعي ولم نر خطة للانتاج. 2-السياسة المالية القائمة على جذب الودائع ولم نر سياسة بديلة لجذب الاستثمار ونظام ضرائبي تصاعدي وفعال. 3-الفساد ولم نر نية محاسبة لردعه».
وتابع: «التدقيق الجنائي ليس هدفا، هو وسيلة لكشف الواقع ومعالجته والمحاسبة على اساسه. التدقيق بدأ ولكن أوقف، والحكومة التزمت في بيانها بمتابعته لكن متابعته تعني إجراءات ومحاسبة».
وقال: «مهما كانت اسباب انفجار المرفأ تخريبية او تقصيرية، يجب اصدار القرار الظني المتعلق به ومحاكمة المسؤولين. هناك تقصير من الدولة واجهزتها نتيجة تركها المواد في المستودع وعليها تحمل المسؤولية تجاه المتضررين. الحكومة والعهد مدعومان دوليا وداخليا ويجب ان يدفعوا المستحقات وسنتابع وعودكم».
ورأى أن «البيان لحظ انشاء صندوق خاص بإعادة الإعمار، ولا ينقصنا صندوق جديد خصوصا ان الدولة لم تدفع بعد لجميع مهجري الجبل ولا لمتضرري المرفأ».
وقال: «نحن مع مطار القليعات ونعتبره مهما بعد مطار بيروت، ولكن لماذا تغييب مطاري حامات ورياق؟».
وأضاف: «اعجبتني كلمة دولة محايدة في الانتخابات وفي التنافس السياسي المشروع بين القوى المتنافسة. بس ما يكون حيادك دولة رئيس الحكومة بالانتخابات متل حيادك بتشكيل الحكومة، لأن حيادك عن المعايير الواحدة واضح والاهم حيدت نفسك عن التزامات وعدت بها».
وختم: «منحناك ثقتنا عندما سميناك أما اليوم فلن نمنحك اياها. نحن المعارضة الايجابية لحكومتك».