بدأت الخدمات الصحية الحكومية في الكويت تزامنا مع قيام دائرة البلدية في عام 1930 والتي أخذت على عاتقها صحة المواطن والمقيم إلى أن تم تشكيل دائرة الصحة العامة في عام 1936.
وكان من أبرز ما قامت به البلدية آنذاك إنشاء أول مركز صحي حكومي (المستوصف الحكومي) في عام 1939 حين قامت بشراء صيدلية (وانيس) وحولتها إلى عيادة حكومية.
وحول هذا الموضوع، ذكر د.خالد الجار الله في كتابه (تاريخ الخدمات الصحية في الكويت من النشأة حتى الاستقلال) أن صيدلية (وانيس) الواقعة في السوق الداخلي (شارع الأمير) كانت تخص محمد بودي وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى الصيدلاني الذي كان يعمل بها وبعد أن قامت الحكومة بشرائها واستعملتها كعيادة حكومية عينت محمد بودي مسؤولا عنها وخالد الدهيم كاتبا لها.
وقال الجارالله إن أول طبيب عمل في هذه العيادة هو د.عمر سلامة وشقيقه الصيدلاني محمد سلامة واستمر العمل في العيادة الحكومية مدة شهر تقريبا إلى أن تم استئجار ديوان إسماعيل معرفي الواقع على الساحل قرب جامع الخليفة نظرا لضيق المكان القديم.
وأوضح أن المستوصف كان يضم عدة غرف الأولى كانت مخصصة لعلاج النساء والثانية للرجال، أما الثالثة فكانت صيدلية للمستوصف بالإضافة إلى غرفة ضماد ودهليز - ممر- كان يستعمل كمستودع للأدوية، مشيرا الى أنه خلال تلك الفترة كانت بعض الأدوية والأدوات تستورد من العراق وسورية تحت إشراف محمد العتيبي.
وأضاف أنه بعد مرور عدة أشهر من بدء العمل في المستوصف غادر الشقيقان سلامة المستوصف وتم تسليم خالد الدهيم الأدوية بوظيفة (مسعف) إذ قام خلالها بمعالجة الجروح والحالات البسيطة واستمر ثلاثة أشهر إلى أن وصل د.يحيى الحديدي من سورية في عام 1940 ليصبح ثاني طبيب يعمل في دائرة الصحة.
وأفاد بأن الحديدي أشرف على المستوصف الحكومي والعمل الصحي في الدائرة وكان الجهاز الطبي في المستوصف يتكون من طبيب ومساعد صيدلاني ومضمد وكاتب وفراش، بينما كانت الخدمات المقدمة تتألف من فحص وعلاج المرضى والقيام بأعمال التضميد والإسعافات الأولية، أما في ما يخص الحالات الحرجة فكان يتم تحويلها إلى المستشفى الامريكاني.
وبين أنه بعد فترة عاد الحديدي إلى سورية وأتى بصيدلاني يدعى نصوح درويش والذي عمل لفترة قصيرة ثم جاء الصيدلاني بشير الاولبي ود.صلاح الدين أبوالذهب وذلك حتى اشتهر المستوصف بين الناس واطلقوا عليه (الدختر) أي الطبيب السوري نسبة إلى جنسية أطبائه.
وأشار إلى أن محمد المضف تولى مهمة الاشراف على إدارة المستوصف كما أنه أول مدير لدائرة الصحة العامة.
وفي عام 1943 وصل إلى الكويت كل من د.حكمت الخجاو والصيدلاني أديب القواص من سورية وفي عام 1944 ونتيجة لكثرة العمل في المستوصف وبناء على تقرير رفعه الحديدي إلى مجلس الشورى الذي كان تحت رئاسة الشيخ عبدالله السالم أشار فيه الى حاجة البلاد لفتح مستوصفات أخرى وتوسيع الخدمات الصحية وجلب أطباء وطبيبات وممرضات وصيادلة.
وعلى اثر ذلك قال الجارالله إنه تم في نفس العام افتتاح مستوصف حكومي خاص للنساء في الجهة الشمالية من المستوصف الحكومي الأول الذي أصبح خاصا بالرجال وتحديدا في أحد بيوت معرفي المطلة على البحر وأسند الإشراف الطبي عليه إلى د.صلاح الدين أبوالذهب.
وذكر الجارالله أن من أوائل سيدات الكويت اللواتي عملن في مجال التمريض عائشة الجماع وفاطمة الجماع وفاطمة عبدالكريم ثم سعيدة اللنقاوي وفاطمة الكندري.
وأوضح أنه تم تخصيص (بيت خلف) كمستوصف للنساء لحالات الولادة ويعتبر هذا البيت أول مركز حكومي في الكويت للولادة.
وأضاف أنه في العام نفسه تم تعيين د.فاطمة فهمي من مصر لتكون أول طبيبة تعمل في دائرة الصحة إلى أن غادرت في عام 1945 ليتولى بعدها د.حكمت الخجا لفترة وجيزة حتى وصلت د.درية علي من مصر في عام 1946 ثم انضمت إليها د.بثينة شفيق في عام 1947.
يذكر أن أول مستوصف صحي بالكويت افتتح في 30 أكتوبر عام 1904 وكان مقره في دار الاعتماد (بيت ديكسون حاليا مقابل ساحل البحر).