أعلنت هيئة أسواق المال الكويتية أنها ستطرح 50% من رأسمال شركة بورصة الكويت أمام المواطنين الكويتيين للاكتتاب العام بسعر 100 فلس للسهم الواحد اعتبارا من الشهر المقبل.
هذا يعني أن الحكومة الكويتية قررت ان تبيع نصف شركة البورصة للمواطنين، بعد ان باعت قبل ذلك 44% من الشركة نفسها في مزاد علني، فاز فيه تحالف تقوده شركة الاستثمارات الوطنية، وستحتفظ الحكومة بنسبة 6% فقط من هذا المرفق العام، وهو مؤشر جيد على أن الحكومة بدأت تتخلى عن احتفاظها بأصول كانت تعتبر سابقا سيادية.
وشركة البورصة الكويتية هي كأي شركة اخرى في السوق، لديها زبائنها، وهم الشركات المدرجة فيها، وهي تتقاضى منهم رسوما سنوية على الادراج، كما تحقق إيرادات من صفقات يجريها المستثمرون الأفراد والشركات عندما يبيعون ويشترون الأسهم، ولديها مصادر دخل اخرى من شركات وساطة وبنوك وتأمين تستأجر مساحات في مبنى البورصة لبيع منتجات وخدمات وحتى الكافتيريا. لذا فإن نموذج عملها بسيط على عكس ما يتوقع كثيرون، وهو مضمون الإيرادات، طالما ان الشركات الكويتية ستستمر في الادراج فيها، وطالما ان المبنى سيدر عليها عوائد من الايجارات، وطالما هناك منتجات جديدة يمكنها أن تحقق منها عوائد.
وكلما زاد الناس من استثماراتهم وصفقاتهم في بيع وشراء الأسهم، زادت إيرادات البورصة، وكلما كانت هناك فرص اكبر لتحقيق ارباح اكثر. وفي هذه السنة زاد متوسط السيولة المتداولة في شركة البورصة الى الضعف ليقارب 30 مليون دينار مقارنة مع السنة الماضية، وهو مؤشر جيد على ان هناك صفقات اكثر، وبالتالي إيرادات اكبر.
يبقى ان تتحكم البورصة في مصاريفها، فكلما قلت المصاريف ارتفعت إيراداتها، وأصبح الاستثمار فيها، اي الاكتتاب المرتقب، مجديا. وكلما زاد الاعتماد على التكنولوجيا والتداول الالكتروني، قلت المصاريف وارتفعت الإيرادات، وهي اتجاهات تعمل عليها البورصة.
وتاريخيا، دائما الاكتتاب في أسهم شركات بنموذج عمل مستدام وواضح، مثل البورصة، يكون مكسبا لحملة الأسهم، فهي شركة تعمل وحدها في السوق، واحتمالات ان يظهر منافس لها صعب، (كأن تتفق مجموعة مستثمرين لتأسيس بورصة ثانية)، كما من الصعب توقع ان يهجر السوق كل المستثمرين المحليين الى بورصات عالمية، لان المستثمر المحلي يستثمر دائما ببورصته لأنه يفهمها ويشعر بالاطمئنان بأن أمواله موضوعة بقربه في أسهم يعرفها ويعرف ملاكها وتاريخها جيدا. وعلى العكس تماما، هناك مستثمرون عالميون كثر دخلوا البورصة الكويتية في السنتين الاخيرتين.
ويفترض أن يتم ادراج شركة البورصة في وقت لاحق في البورصة نفسها، بشكل يسمح للمواطنين الذين اكتتبوا في هذه الشركة بأن يتداولوا أسهمهم بيعا وشراء في منصة التداول. وسيكون التقييم مبنيا على حجم الأرباح المحققة في الشركة عند الإدراج أو القيمة المستقبلية المتوقعة له، ولكل أن يضع عرضه وطلبه ليستقر السعر.
وربما تذهب ادارة البورصة الجديدة، وهم مستثمرون من القطاع الخاص، في اتجاهات تصنع ثروة غير متوقعة لحملة الأسهم، كأن يدرجوا الشركة في سوق عالمي، أو أن يؤسسوا بورصات اصغر تابعة مثل بورصة للشركات الناشئة في قطاع التكنولوجيا، على غرار بورصة «ناسداك» التي أسست بهذه الطريقة في السبيعنيات، فيجمعوا فيها الشركات التكنولوجية الخليجية والعربية، لتصبح هدفا للشركات العالمية التي تريد دخول أسواق الخليج والعالم العربي. وهناك احتمالات أن يتم الاستحواذ على البورصة الكويتية من قبل بورصة عالمية او إقليمية، وهو أمر يفتح آفاقا اكبر لمستقبل هذه البورصة والمساهمين فيها.
boumeree@
[email protected]