قصر السيف هو مبنى الحكم والذي بني عام 1904 في عهد الشيخ مبارك الصباح، طيب الله ثراه، الحاكم السابع للكويت، وفي عهد الحاكم التاسع للكويت الشيخ سالم المبارك الصباح، طيب الله ثراه، عام 1917 تم نقش عبارة على واجهته تحمل معنى جميلا، كتب فيها «لو دامت لغيرك ما اتصلت إليك» وهي دلالة على ما تميز به حكام بلدنا الحبيب الكويت بإيمانهم الكبير بأنه لا شئ يدوم، والحياة هي امتداد عبر الأجيال.
وها نحن نعيش أيام الحزن وألم الفقد برحيل والدنا أمير العفو سمو الشيخ نواف الأحمد، طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته، أمير أحب شعبه فأحبوه، اتقى الله في حياته فأنزل الله محبته في قلوب عباده، ارتبط اسم الشيخ نواف الأحمد بمسجد بلال بن رباح في منطقة الصديق، وما أروعه من ارتباط عندما يرتبط اسم الإنسان ببيت من بيوت الله، أمير عمل لآخرته الباقية ولم يهتم بالدنيا الفانية، حكم فعدل وعفا عن كل رعاياه مسامحا لكل ما بدر منهم، استثمر ما أنعم الله عليه به من منصب ومال في رضا الله ورضا والديه والبر لهما، فقام ببناء مسجد، لم يطلق عليه اسمه الشخصي بل أسماه باسم مؤذن الرسول الكريم بلال بن رباح رضي الله عنه، مسجد يتوافد عليه المصلون رجالا ونساء في الصلوات والتراويح في شهر رمضان المبارك ويصدح بالتكبيرات في عيدي الفطر والأضحى، أما منزله الخاص فلم ينسبه لنفسه بل أسماه باسم والدته (اليمامة) عرفانا وبرا بها، رجل تميز بخوفه من الله تعالى وبطاعته وبره لوالديه حتما سينعكس ذلك على شخصيات أبنائه.
جميعنا شاهدنا اللحظة العصيبة على رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد النواف الصباح وهو ينعى والده أمام شاشات التلفزيون وبحضور مجلس الوزراء، لتصبح سابقة تاريخية يشهدها تاريخ الكويت للمرة الأولى بأن رئيس مجلس الوزراء ينعى الأمير الراحل بصفته والده!
كم هو مؤلم حقا ولحظة يحتاج فيها القلب للثبات والقوة والتحمل، تجمع بين مهمة رسمية وواجب المسؤول وبين ألم فقد الابن لأبيه.
لله درك يا سمو الشيخ أحمد نواف الأحمد الصباح، كم كنت قويا تحاول إمساك مشاعرك وإيقاف الدموع في مدامعك، ولكن وفاء الابن وعاطفته لأبيه قد تضعف أمام مصاب جلل، وأي مصاب أكبر من رحيل أمير البلاد فما بالك عندما يكون هو الأب! وقتئذ يكون الضعف هو ذروة القوة ! لحظة يشهد عليها التاريخ لما لها أثر عميق في نفوس الجميع.
أبناء لم يشعروا بأنهم أبناء حاكم الدولة بل تجدهم مع الناس في جميع الأوقات يفرحون معهم في المناسبات السعيدة ويتقدمون لمواساتهم في المناسبات الحزينة!
إنها من أكبر النعم علينا من الله عز وجل بأنه أكرمنا بعائلة الحكم المتواضعة والمحبة لشعبها، وكما ذكرنا سابقا « لو دامت لغيرك ما تصلت إليك» فها هو مسند الإمارة ينتقل بكل رضا وهدوء حسب الدستور الكويتي إلى صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، حفظه الله ورعاه وأعانه على إكمال مسيرة الخير لبناء وطن الخير دولة الخير كويت المحبة والسلام.
ولا يسعنا إلا أن نسأل الله تعالى أن يرحم والدنا سمو الأمير الراحل أمير العفو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، طيب الله ثراه ويغفر له ويتجاوز عن سيئاته ونشهد له بأنه حكم بيننـا بالعدل بكـتاب اللــه وسنة نبيه الكريم، ونـــدعو الله أن يشد من أزر صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد ويرزقه البطانة الصالحة، ويحفظ نعمة الأمن والأمان على كويتنا الحبيبة وسائر بلاد المسلمين.. آمين..