- يجب تشجير الطرق الصحراوية لوقف زحف الرمال.. ولا توجد شجرة في طريق كبد ـ الوفرة
دارين العلي
اكد الخبير البيئي عضو لجنة حماية الحياة الفطرية بالجمعية الكويتية لحماية البيئة والمدير التنفيذي لشركة الرؤية الكويتية لإدارة المشاريع البيئية أ.د.رأفت ميساك ان الرعي العشوائي والجائر مسؤول عما يقارب 43% من اجمالي تدهور الاراضي في الكويت.
وقال لـ «الأنباء» في تقرير خاص بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر والتخفيف من الجفاف ان هناك عدة اسباب لتدهور الاراضي منها تغدق التربة بسبب المياه الجوفية وفقدان الغطاء النباتي، بالاضافة الى الكثير من العوامل.
وأورد د.ميساك عددا من انجازات الدولة لمكافحة التصحر ومنها تبني برامج عمل ناجحة تقوم على تجنب وتحاشي تدهور الأراضي انطلاقا من مبدأ الوقاية خير من العلاج وتخفيف
تدهور الأراضي
كما اطلق ميساك وصاياه العشر لتجنب تدهور الاراضي والتصحر في البلاد، لافتا الى ان عددا لا يستهان به من المناطق الجديدة مثل مدينة صباح الأحمد السكنية والمطلاع ورأس الصبية، وكلها في المسارات الطبيعية للرمال الزاحفة او بالقرب منها، وبالتالي لابد من تصميم وتنفيذ نظم مستدامة للوقاية من الرمال الزاحفة والتخفيف من حدة الغبار.
كما اوصى بضرورة التخضير والتشجير وتشييد السدود الخضراء لوقاية الطرق الصحراوية من الرمال الزاحفة اذ لا توجد أي مشاريع تشجير على جوانب الطرق الا ما ندر، فعلى سبيل المثال، لا توجد شجرة واحدة في الوصلة ما بين قاعدة أحمد الجابر الجوية ومنطقة الوفرة، طريق (كبد ـ الوفرة) رغم من ان تلك الوصلة شديدة التعرض لزحف وتراكم الرمال (السافي).
مكافحة التصحر
وأوضح د.ميساك ان من ابرز إنجازات الفترة من 2015-2019 في مجال مكافحة التصحر والتخفيف من تأثير الجفاف في الكويت إصدار قانون حماية البيئة رقم 42 لسنة 2014 والانضمام لبرنامج تحييد تدهور الأراضي «LDN» تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر والتخفيف من الجفاف 2016-2040، والانضمام لمبادرة التكيف مع الجفاف 2018-2019، التي تبنتها وأشرفت عليها سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر والتخفيف من الجفاف.
ولفت الى انه من بين المشاركات الكويتية في هذا الشأن إدارة جلسة رفيعة المستوى لمناقشة سبل التخفيف من العواصف الرملية والغبارية وذلك ضمن فعاليات الاجتماع رقم 13 للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر والتخفيف من الجفاف 2017 ـ الصين، وصدور القرار حولها في سبتمبر 2017.
برامج عمل ناجحة
وبين د.ميساك ان الاستثمار في برامج عمل ناجحة لمراقبة ورصد ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره وهو الحاصل حاليا في البيئة البرية بالكويت ومن ابرز الامور الكفيلة بمواجهة التصحر والجفاف، لافتا الى انه يقصد ببرامج العمل الناجحة لمراقبة ورصد ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، فتلك الخطط والممارسات تحقق نتائج ملموسة على أرض الواقع، وتتجسد فيها الإدارة المستدامة للأراضي والاستغلال الرشيد للموارد الطبيعية وتكون متوافقة مع التزامات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.
ولفت د.ميساك الى انه من خلال تقييم عدد كبير من الدروس الناجحة في مجال إدارة تدهور الأراضي بالمناطق الجافة، فضلا على خبرات الكويت في إدارة النظم البيئية والإدارة المستدامة للأراضي ورؤية وتوجه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر وغايات الهدف 15 من اهداف التنمية المستدامة وعدد من مواد قانون حماية البيئة تم تحديد أطر البرامج الناجحة لوقف تدهور الأراضي وعكس مساره، وتتكون تلك البرامج من 3 ركائز متتابعة، لكل ركيزة هدف وخطة عمل تكمن في تجنب وتحاشي تدهور الأراضي انطلاقا من مبدأ الوقاية خير من العلاج وتخفيف تدهور الأراضي وعكس هذا التدهور.
وأورد د.ميساك عدة امثلة حول هذه البرامج وركائزها، لافتا الى انه لتخفيف تدهور الأراضي الناجم عن الرعي العشوائي والجائر الذي يشكل قرابة 43% من اجمالي تدهور الأراضي بالكويت، يتم تطبيق المادة 107 من قانون حماية البيئة والتي تنص على ان «تقوم الجهات المختصة بتحديد الحمولة الرعوية بالمناطق البرية على اساس امكانات المراعي بالدولة وتلتزم الجهات المختصة بتحديث مواقع الرعي كل عشر سنوات بحد اقصى».
وفي مثال آخر تحدث عن عكس مسار تملح وتغدق التربة الزراعية وتدهور انتاجيتها ببعض مزارع الوفرة التي بدأت بالتعامل مع السبب الأساسي للمشكلة وهو المياه الجوفية التي كانت تتدفق ذاتيا من قرابة 600 بئر لعدة سنوات، حيث تم اغلاق تلك الآبار.
التدهور الشديد للأراضي
وتحدث د.ميساك عن التدهور الشديد للأراضي والذي يصيب بعض الاراضي في البلاد ويتمثل بتحول الأرض إلى وضعية غير منتجة تماما، وهذه لا يمكن استغلالها إلا بعد إعادة تأهيلها بتكاليف باهظة خلال فترات زمنية طويلة.
10 وصايا لتخفيف تدهور الأراضي
أورد الخبير البيئي د.ميساك عشرة وصايا لتخفيف تدهور الأراضي في البلاد وهي كالتالي:
1- برامج التخضير
استثمار المساحات المشتركة بين اتفاقات ريو الثلاث (التنوع البيولوجي ومكافحة التصحر وتغير المناخ) في مجالات التوسع ببرامج التخضير والإدارة المستدامة للأراضي وإعادة تأهيل التنوع البيولوجي وإصلاح النظم المتدهورة.
2- صيانة الخندق الحدودي مع العراق
يتسبب الخندق الحدودي بين العراق والكويت والذي يمتد من السالمي إلى البحيث بطول 200كم تقريبا، في تغيرات بيئية وجيومورفولوجية وهيدرولوجية سلبية، كان آخرها في ديسمبر 2020، حيث تحول الخندق في وصلة الشقايا - الأبرق الى قناة من مياه السيول المتدفقة من الجنوب، كما يتسبب الخندق بحجز الرمال الزاحفة القادمة من العراق بواسطة الرياح الشمالية الغربية، وبمرور الوقت يمتلئ الخندق بالرمال في عدد من الوصلات منها الصقيهية والهويملية، ما يستلزم إجراء صيانة دورية للخندق، ويصاحب الصيانة انتقال كميات كبيرة من الرمال لعمق الأراضي الكويتية التي تطمر أهدافا استراتيجية مثل الطرق والشبك الكهربائي الحدودي.
3- الرصد الدوري للتدهور
ضرورة القيام بالرصد الدوري لحالات تدهور الأراضي بمستوياتها الثلاثة (الشديد والمتوسط والطفيف) مع مراقبة ورصد وتقييم التغيرات باستخدامات الأراضي، لفهم وتقييم عمليات تملح التربة وتدهور إنتاجيتها بالمناطق الزراعية، واستنزاف وتصلب وانضغاط وتآكل التربة وتدهور واختفاء الغطاء النباتي وفقدان التنوع البيولوجي بالمناطق الرعوية ومناطق التخييم الربيعي، فضلا عن رصد آثار الجفاف والظواهر المناخية المتطرفة.
4- خرائط المناطق المتدهورة
إعداد خريطة حديثة للمناطق المتدهورة والمناطق المتوقع تدهورها (في حال استمرار الاستخدامات الحالية للأراضي وأنماط الاستهلاك غير المستدامة)
5- استغلال المخلفات الزراعية
استغلال مخلفات المناطق الزراعية التي بلغت قرابة نصف مليون طن عام 2018، في تثبيت المصادر المحلية للعواصف الرملية والغبارية بالكويت والتي تشمل الصبية - ام نقا (224.043 كم2)، جنوب الهويملية - خباري العوازم (348 كم2)، الشقايا (606.095 كم2)، الأطراف - كبد (632.562 كم2) والوفرة (1842.889 كم2)
6- وقاية الطرق من الرمال الزاحفة
تصميم وتنفيذ برنامج مستدام لوقاية الطرق الصحراوية من الرمال الزاحفة، أخذا بعين الاعتبار انه باستثناء طريق السالمي السريع (100 كم طول) ووصلات قصيرة من طرق: الجهراء - رأس الصبية، الوفرة - ميناء عبدالله، الوفرة - رأس الزور، الوفرة - كبد والجهراء - العبدلي.
7- المدن الجديدة في مسار العواصف
يتم حاليا التوسع في إنشاء مدن جديدة في مناطق متفرقة من البلاد، منها مدن المطلاع والصبية، وسبق إنشاء مدن الوفرة الجديدة وصباح الأحمد السكنية، وحيث ان عددا من تلك المدن يقع في المسارات الطبيعية للرمال الزاحفة أو بالقرب منها (مثل مدن صباح الأحمد السكنية والمطلاع ورأس الصبية)، لذا لابد من تصميم وتنفيذ نظم مستدامة للوقاية من الرمال الزاحفة والتخفيف من حدة الغبار.
8- إنذار مبكر للسيول
عند هطول أمطار غزيرة، كما حدث في نوفمبر 2018 (262 ملم) وفي نوفمبر وديسمبر 2020 تجمعت ملايين الأمتار المكعبة من مياه الأمطار والسيول على شكل بحيرات مختلفة المساحات والأشكال والأعماق.
ولابد من الاستفادة منها، حيث انها نعمة وليست نقمة، كما انه لا بديل عن تصميم وتشغيل منظومة مراقبة وإنذار مبكر من السيول بالكويت كما هو الحال في بعض الدول مثل مصر والسعودية والأردن.
9- إقامة السدود
التحكم في مياه السيول المتدفقة في الأودية، يجب ان يبدأ في الروافد العليا لتلك الأودية، بإقامة سدود صغيرة وتجهيز حفر لتجميع المياه وإقامة حواجز خرسانية لصد المياه المتدفقة والتقليل من سرعتها وتخفيف خطورتها.
10- تحسين مسامية التربة
يمكن الحد من مخاطر السيول بطرق علمية وعملية غير تقليدية ليست مكلفة وصديقة للبيئة، من أهمها تنشيط عملية التسرب الرأسي لمياه الأمطار في التربة الجافة المتصلبة، بزراعة الأشجار والشجيرات مثل السدر والطلح والأرطى، والنباتات الفطرية مثل العوسج والرمث والعرفج والثندي والتمام، وتعمل الأشجار والشجيرات والحشائش المزروعة على تهدئة سرعة مياه الجريان السطحي، ما يهيئ الظروف لتسرب كميات من المياه لجوف التربة، وبمرور الوقت تتحسن مسامية التربة بسبب تغلغل جذور النباتات فيها.