دعا نشطاء في السودان أمس الى تصعيد الاحتجاجات على الانقلاب العسكري الذي وقع الشهر الماضي، وذلك بعد يوم من أعنف حملة أمنية على المتظاهرين المطالبين بعودة الحكومة المدنية. ومن شأن هذا التطور أن يزيد من الهوة بين القادة العسكريين الذين انتزعوا السلطة في 25 أكتوبر وحركة احتجاجية كبيرة تنزل إلى الشوارع منذ الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس عمر البشير عام 2019.
وأصدرت مجموعة من لجان المقاومة تعكف على تنسيق الحركة الاحتجاجية في شرق الخرطوم بيانا امس أعلنت فيه الدخول «في جدول التصعيد المفتوح حتى إسقاط السلطة الانقلابية».
وجاء في بيان تنسيقية لجان مقاومة أحياء الخرطوم شرق «ندعو القطاعات المهنية والنقابية والعمالية والشعب السوداني بكامل قطاعاته للدخول في عصيان مدني شامل حدادا على أرواح شهدائنا الأبرار ورفضا لانتهاكات المجلس الانقلابي في حق الثوار العزل».
وقال عضو كبير في التنسيقية لوكالة فرانس برس، طالبا عدم نشر اسمه، إنه جرت مشاورات بين لجان المقاومة بشأن التصعيد. جاء ذلك فيما أطلقت قوات الأمن السودانية امس قنابل غاز مسيل للدموع على عشرات المحتجين في الضواحي الشمالية للخرطوم، وفي الوقت ذاته، حاولت القوات الأمنية مرة أخرى تفريق عشرات المتظاهرين الذين كانوا لايزالون متجمعين قرب الحواجز والمتاريس التي أقاموها لقطع الطرق، في الضاحية الشمالية للعاصمة.
وعادت الاتصالات الهاتفية والانترنت صباح امس بعد انقطاع خلال عملية قمع التظاهرات. وقال محام أقام دعوى ضد شركات الاتصالات في السودان لوكالة رويترز إن محكمة كانت أصدرت أمرا بحبس مديري الشركات الثلاث في البلاد لحين إعادة الإنترنت. في غضون ذلك، قالت لجنة أطباء السودان المركزية المؤيدة للحركة الاحتجاجية إن 15 شخصا على الأقل قتلوا أمس الأول لدى فض احتجاجات في الخرطوم ومدن أخرى باستخدام الرصاص والغاز المسيل للدموع، بينما قالت الشرطة إن 89 من أفراد الأمن أصيبوا وسجلت وفاة مدني واحد و30 حالة اختناق من الغاز المسيل للدموع بين مدنيين.
وقالت لجنة الأطباء المركزية، في صفحتها على فيسبوك «القوات الانقلابية تستخدم الرصاص الحي بكثافة في مناطق متفرقة في العاصمة الخرطوم وعشرات الإصابات بالرصاص الحي بعضها حالات حرجة». وأضافت أن الوفيات تركزت في مدينة بحري. وقتل 11 شخصا على الأقل بينهم امرأة برصاص حي بين الرأس والصدر والبطن، وفق لجنة الأطباء المؤيدة للاحتجاجات. وفي المجموع، قتل منذ الانقلاب 39 شخصا بينهم ثلاثة مراهقين وجرح مئات، غالبا خلال عمليات تفريق المحتجين.
ووصف المحتجون سلوك الشرطة أمس الأول بأنه أعنف مما كان من قبل، في مؤشر جديد على أن الجيش يتطلع لترسيخ وضعه. رغم ان الجيش كان قد قال إن الاحتجاجات السلمية مصرح بها.
وقالت المتظاهرة سهى (42 عاما) إن قوات الأمن مارست «قمعا عنيفا» من خلال إطلاقها «قنابل غاز مسيل للدموع تصم الآذان».
واتهمت لجنة الأطباء المركزية قوات الأمن بملاحقة الأطباء إلى المستشفيات وإطلاق قنابل مسيلة للدموع على الجرحى وسيارات الإسعاف.
ودان تجمع المهنيين السودانيين، ما أسماه «جرائم ضد الإنسانية»، واعتبر التجمع في بيان أن ما يجري في شوارع ومدن السودان «جرائم بشعة ضد الإنسانية تتضمن القتل العمد (..) إلى جانب انتهاك الكرامة بالضرب واقتحام البيوت بالقوة المسلحة»، مع «تعمد قطع كل وسائل الاتصال لإخفاء وتغطية عشرات الجرائم الأخرى».
واعتبر أن «مجزرة» امس الاول «تأكيد على سلامة شعارات المقاومة ولاءاتها الثلاث: لا تفاوض، ولا شراكة، ولا مساومة».
من جهتها، أعلنت الشرطة في بيان أنها قامت «بواجب تأمين مؤسسات الدولة وجموع المتظاهرين»، وأنها «قوبلت بالعنف غير المبرر تجاه أفرادها ومركباتها»، مشيرة الى أنها استخدمت «الحد الأدنى من القوة والغاز المسيل للدموع ولم تستخدم السلاح الناري مطلقا». وعلى صعيد ردود الافعال الدولية ازاء التطورات المتسارعة، نددت مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية مولي في، امس بـ«العنف ضد متظاهرين سلميين». وقالت مولي على تويتر «أحزنتني تقارير عن أعمال عنف وخسائر في الأرواح في السودان. ندين العنف ضد المتظاهرين السلميين وندعو إلى احترام حقوق الإنسان وحمايتها».