أعلن الجيش السوداني التوصل إلى اتفاق لإعادة عبدالله حمدوك لرئاسة الوزراء وذلك بعد أقل من شهر من قائده عبد الفتاح البرهان وحل الحكومة.
ويواجه الاتفاق معارضة من المحتجين الذين كانوا يرون في حمدوك من قبل رمزا لمقاومة الحكم العسكري لكنهم اعتبروا توقيعه على الاتفاق خيانة.
ما مضمون الاتفاق؟
ينص الاتفاق الموقع يوم الأحد الماضي على أن يرأس حمدوك حكومة من أصحاب الكفاءات «تكنوقراط» خلال فترة انتقال سياسي يتوقع أن تستمر حتى 2023 موعد الانتخابات، وعلى إخلاء سبيل جميع المعتقلين السياسيين.
والقصد أن يكون هذا الاتفاق مبنيا على اتفاق سابق تم التوصل إليه بين الجيش والقوى السياسية المدنية في أعقاب الإطاحة بحكم عمر البشير في 2019 وتقاسم الطرفان بمقتضاه السلطة رغم أن هذه الشراكة تعطلت بوقوع الانقلاب.
كما ينص على التحقيق في الخسائر البشرية خلال المظاهرات الأخيرة واستكمال عملية السلام التي اتفقت عليها بعض الجماعات السودانية المتمردة في جوبا العام الماضي.
ما الذي تغير؟
يقول الجيش إن استئثاره بالسلطة كان خطوة تصحيحية لتجاوز الخلافات السياسية وإنه بالإمكان الآن مواصلة مسيرة الانتقال صوب الانتخابات.
لكن يجادل معارضون بأن الاتفاق يتيح غطاء قانونيا للانقلاب ويسمح للجيش بتعزيز وضعه وذلك بإحلال موالين له محل الديموقراطيين في المناصب المهمة مما يفسد الانتقال السياسي وأهداف انتفاضة 2019 التي أطاحت بالبشير.
كيف وصل الحال إلى ما هو عليه؟
تعرض ترتيب اقتسام السلطة في السودان لتوتر متزايد مع مطالبة المدنيين بإصلاح الجيش والقصاص للمحتجين الذين قتلوا في 2019 وتسليم البشير وآخرين مطلوبين في جرائم ارتكبت في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية.
في المقابل، اتهمت المؤسسة العسكرية فصائل سياسية بالتحريض على الجيش في حين قالت جماعات مدنية إن الجيش يناور للاستئثار بالسلطة.
وحدث ذلك بالفعل في 25 أكتوبر فألقى الجيش القبض على معظم معارضيه البارزين ووضع حمدوك رهن الإقامة الجبرية.
وندد قطاع كبير من المجتمع الدولي بالانقلاب وبدأت الجماعات المطالبة بالديموقراطية في السودان حملة احتجاجات جماهيرية وعصيان مدني. وسعت جهود محلية للوساطة أيدتها الأمم المتحدة للعودة إلى اقتسام السلطة مع تحرك الجيش لتعزيز وضعه.
ما مدى التأييد الذي يحظى به الاتفاق؟
قال حمدوك الذي قاوم ضغوط الجيش لحل حكومته قبل الانقلاب مباشرة إنه وقع الاتفاق لحقن الدماء بعد الحملة الأمنية التي سقط فيها عشرات المحتجين قتلى.
ويحظى الجيش بدعم بعض الفصائل المتمردة السابقة التي وقعت اتفاق السلام في جوبا وقيادات مدنية بارزة تنتمي لفترة حكم البشير. ورحبت الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي بالاتفاق ترحيبا مشوبا بالحذر.
غير أن الاتفاق قوبل بالرفض من جانب تحالف قوى الحرية والتغيير السياسي الذي كان يتقاسم السلطة مع الجيش وناشطين من أنصار الديموقراطية قادوا الاحتجاجات منذ انتفاضة 2019.
ويطالب الرافضون للاتفاق الذين أغضبهم الانقلاب وسقوط قتلى من المحتجين بابتعاد الجيش عن السياسة والسماح بمحاسبة العسكريين أمام القضاء ويدعون الى استمرار المظاهرات.
ما أهمية الاتفاق؟
سيحدد مصير الاتفاق ميزان القوى في السودان الذي يبلغ عدد سكانه 46 مليون نسمة ومثلت انتفاضته الشعبية خروجا على حكم سلطوي وصراع داخلي وعزلة اقتصادية على مدار عشرات السنين في عهد البشير.
وكانت حكومة حمدوك السابقة ضمنت الموافقة على تخفيف أعباء ديون خارجية تتجاوز 56 مليار دولار وهي خطوة أثار الانقلاب الشكوك في تحققها. كما نفذت حكومته إصلاحات اقتصادية مؤلمة قال إنها بدأت تؤتي ثمارها وسط أزمات في السلع وفقر واسع النطاق.
ووافقت الحكومة على أن تخطو خطوات للاقتداء بدول عربية أخرى قامت بتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وسيكون لمسار السودان تأثير على المنطقة المضطربة المتاخمة لمنطقة الساحل والبحر الأحمر والقرن الأفريقي التي تتنافس قوى دولية على النفوذ فيها.
وقد أدى الصراع في إقليم تيغراي الإثيوبي إلى تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين على السودان قبل عام وتجدد التوترات على الأراضي الزراعية على الحدود المتنازع عليها.