من أجل «مواجهة الحقيقة» حول حرب الجزائر، أعلنت فرنسا امس أنها قررت فتح الأرشيف القضائي لتلك الحقبة «قبل 15 عاما» من الموعد المقرر سابقا لمواصلة سياسة «الخطوات الصغيرة» لمصالحة ذاكرة البلدين التي بدأها الرئيس إيمانويل ماكرون.
وقالت وزيرة الثقافة روزلين باشلو لمحطة «بي اف ام تي في» الفرنسية «لدينا أشياء يجب إعادة بنائها مع الجزائر ولا يمكن إعادة بنائها إلا بناء على الحقيقة»، وأعلنت فتح «أرشيف التحقيقات القضائية لقوات الدرك والشرطة» المتعقلة بحرب الجزائر (1954-1962).
وأضافت باشلو «أريد ذلك بخصوص هذه المسألة ـ المزعجة والمثيرة للغضب وفيها مزورون للتاريخ يعملون - أن نكون قادرين على مواجهتها. لا يمكن بناء رواية تاريخية على كذب».
وتابعت الوزيرة الفرنسية «التزوير هو ما يقود إلى التخبط والمشاكل والكراهية. منذ اللحظة التي تكشف فيها الحقائق ويعترف بها ويتم تحليلها، منذ تلك اللحظة يمكننا أن نقيم تاريخا آخر، مصالحة».
وردا على سؤال عن تداعيات هذا القرار لاسيما التأكيد المحتمل لارتكاب الجيش الفرنسي أعمال تعذيب في الجزائر، قالت روزلين باشلو، إن «من مصلحة البلاد الاعتراف بها». وتابعت باشلو «عندما أقام إيمانويل ماكرون العدالة في قضية أودان، وضع بذلك فرنسا في مواجهة الحقيقة». وشددت على ضرورة «ألا نخاف أبدا من الحقيقة، علينا أن نضعها في سياقها.... لكن علينا أن نواجهها».
بدوره، قال المندوب الوزاري الفرنسي لمنطقة البحر المتوسط كريم أملال في تصريح لوكالة فرانس برس، إنه «في ما يتعلق بالجزائر، هذه إشارة مهمة ترسلها فرنسا، رغم أن سياسة الذاكرة جزء من عملية فرنسية- فرنسية لإثبات الحقائق».
وأضاف هذا العضو في لجنة «الذاكرة والحقيقة» التي يرأسها بنجامان ستورا «هناك طلب قوي للغاية من المؤرخين لرفع السرية عن الوثائق التي تغطيها سرية الدفاع. والفكرة الأساسية هي منحهم إمكانية القيام بعملهم».
وتندرج هذه الخطوة ضمن سياسة مصالحة الذاكرة التي أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وقد أقر الأخير في 13 سبتمبر 2018 بمسؤولية الجيش الفرنسي عن اختفاء عالم الرياضيات والمناضل الشيوعي موريس أودان في الجزائر عام 1957، ووعد عائلته بجعل قسم كبير من الأرشيف متاحا.