أطلقت قوات الأمن السودانية امس قنابل الغاز المسيل للدموع على متظاهرين مناهضين للحكم العسكري على بعد بضع أمتار من القصر الرئاسي في الخرطوم، حيث حدث كر وفر بين الجانبين.
ونزل آلاف السودانيين الى الشوارع في العاصمة وضواحيها ومدن أخرى للمطالبة بحكم مدني خالص وسط قطع السلطات لخدمات الإنترنت والاتصالات واغلاقها الجسور والطرق الرئيسية.
وعلى الرغم من الانتشار الأمني الواسع في العاصمة تشكلت قوافل المتظاهرين واتجهت إلى القصر الرئاسي في ذكرى مرور شهرين على انقلاب قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان على شركائه المدنيين في السلطة الانتقالية التي تشكلت بعد اطاحة عمر البشير والتي يفترض أن تقود البلاد تحو انتخابات حرة تفضي الى حكومة مدنية منتخبة.
وجاءت هذه التظاهرات التي دعت إليها قوى المعارضة المدنية، تحت شعاري: «لا تفاوض» مع الجيش، و«الجنود إلى ثكناتهم»، رغم هذه التدابير التي لم تشهدها البلاد منذ أسابيع، وبعد نحو أسبوع من تظاهرات 19 ديسمبر الحاشدة التي خرجت في الذكرى الثالثة للثورة التي أطاحت بنظام عمر البشير.
وأعلن المحتجون انهم سيتظاهرون مجددا يوم 30 الجاري.
وقال شاهدان من وكالة «رويترز» إن معارضي الحكم العسكري في السودان والرافضين للاتفاق السياسي بين رئيس الحكومة عبدالله حمدوك ورئيس المجلس الانتقالي عبدالفتاح البرهان، نزلوا إلى الشوارع امس في عاشر مظاهرة كبيرة ينظمونها منذ الانقلاب الذي قاده البرهان في 25 أكتوبر الماضي في حين تم تعطيل خدمات الإنترنت في العاصمة الخرطوم وأغلق جنود الطرق.
وقال الشاهدان إن السكان لم يتمكنوا أيضا من إجراء أو استقبال المكالمات المحلية. وذكرا أن الجنود وقوات الدعم السريع الذين انتشروا بأعداد كبيرة أغلقوا الطرق المؤدية إلى الجسور التي تربط بين الخرطوم ومدينة أم درمان على الجانب الآخر من نهر النيل.
ونقل موقع «المشهد السوداني» الإلكتروني عن شهود عيان قولهم إن مناطق بحري المؤسسة ومحطة سراج بأم درمان والجريف شرق وأمبدة بكبري شهدت خروج متظاهرين.
وأشارت أنباء الى قيام المتظاهرين بإزالة الحواجز الأسمنتية في طريقهم للقصر الجمهوري.
وقالت وكالة الأنباء السودانية الرسمية «سونا» إن ولاية الخرطوم أغلقت الجسور مساء أمس الأول ترقبا للاحتجاجات.
وذكرت الوكالة نقلا عن لجنة تنسيق شؤون أمن الولاية ان «الخروج عن السلمية والاقتراب والمساس بالمواقع السيادية والاستراتيجية بوسط الخرطوم مخالف للقوانين وسيتم التعامل مع الفوضى والتجاوزات مع التأكيد على حق التظاهر السلمي».
وقال مسؤول كبير في إحدى شركات مزودي خدمة الإنترنت في السودان لـ «رويترز» إن انقطاع الخدمات جاء بعد قرار من الهيئة القومية للاتصالات التي تشرف على القطاع.
واحتج مبعوث الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرثيس على هذه الإجراءات، مؤكدا ان «حرية التعبير حق من حقوق الإنسان. وهذا يشمل الوصول بلا أي عوائق إلى الإنترنت».
وبينما أبلغ المدافعون عن حقوق الإنسان عن اعتقالات منذ مساء الأول بين النشطاء وأقاربهم، أضاف بيرثيس أنه «وحسب المواثيق الدولية، فيجب ألا يعتقل أي شخص بسبب نيته في الاحتجاج السلمي»، وحث «السلطات السودانية وقوات الأمن على حماية المظاهرات».
من جهتها، أعربت لجنة الأطباء المركزية في السودان، التي ترصد ضحايا القمع منذ 2018، عن قلقها من التعتيم.
وأكدت في بيان امس «نلفت نظر العالم أجمع للانتباه لما جرى وسيجري في السودان حيال حراك شعبنا الثوري من أجل الحرية والديموقراطية وإسقاط كافة أشكال الحكم العسكري والديكتاتوري».
وتابعت:«هذا لأن الإغلاق ذهب إلى أبعد من ذلك. ففي حين قامت مركبات مدرعة تابعة لقوات الأمن في كل تظاهرة بإغلاق الجسور التي تربط الخرطوم بضواحيها، فقد استخدمت هذه المرة رافعات لوضع حاويات ضخمة أمامها».