قالت الولايات المتحدة إن روسيا قد تغزو أوكرانيا «في أي يوم الآن»، وقد تخلق ذريعة مفاجئة لشن هجوم، مجددة التأكيد على أن الباب مازال مفتوحا أمام الديبلوماسية، ودعت ألمانيا إلى وقف تصعيد الأزمة الأوكرانية، وحذرت موسكو من أنها ستواجه عقوبات إذا قامت بغزو أوكرانيا.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أمس إن الولايات المتحدة ستستمر في تبادل معلومات المخابرات مع العالم لحرمان موسكو من القدرة على شن هجوم مباغت.
ورفض سوليفان، في تصريحات لبرنامج على شبكة (سي.إن.إن) الإخبارية الأميركية، القول ما إذا كانت أجهزة المخابرات الأميركية تعتقد أن روسيا تفكر في شن هجوم بعد غد، وقال: «لا يمكننا التنبؤ باليوم بدقة لكننا نقول الآن ومنذ بعض الوقت إننا نترقب ويمكن أن يبدأ عمل عسكري كبير من جانب روسيا في أوكرانيا في أي يوم الآن. يشمل ذلك الأسبوع المقبل قبل نهاية الأولمبياد» في الصين.
في غضون ذلك تعهدت الحكومة الأوكرانية بإبقاء مجالها الجوي مفتوحا رغم التهديد بغزو روسي، بينما قال مسؤولون أوكرانيون إن روسيا قد بدأت بالفعل الحرب على بلادهم من خلال تكتيكات تهدف إلى زعزعة الاستقرار كشن هجمات إلكترونية، وبث الفزع عن طريق نشر مئات التهديدات الوهمية بوجود قنابل، فيما حذرت ألمانيا من ان الوضع في أوروبا بات «حرجا وخطير جدا». وأفادت وزارة البنى التحتية الأوكرانية في بيان نشرته على صفحتها في فيسبوك أمس «يبقى المجال الجوي فوق أوكرانيا مفتوحا، في حين تعمل السلطات على درء المخاطر عن شركات الطيران».
وأضافت الوزارة بعد اجتماع شارك فيه مسؤولون في الرئاسة والمطارات وشركات الطيران الأوكرانية إن «إغلاق المجال الجوي حق سيادي لأوكرانيا ولم يتم اتخاذ أي قرار بهذا الصدد».
وأكدت أن معظم الشركات تتابع نشاطاتها، موضحة أن 29 شركة طيران دولية تسير رحلات حاليا انطلاقا من 34 دولة.
وقال وزير البنى التحتية الكسندر كوبراكوف في البيان: «إذا لزم الأمر، ستؤمن السلطات عودة كل المواطنين الأوكرانيين من الخارج».
في غضون ذلك، قال مسؤولون أوكرانيون إن روسيا قد بدأت بالفعل الحرب على بلادهم من خلال تكتيكات تهدف إلى زعزعة الاستقرار كشن هجمات إلكترونية، وإحداث اضطرابات اقتصادية وبث الفزع عن طريق نشر مئات التهديدات الوهمية بوجود قنابل وعبوات ناسفة، وذلك وفقا لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال».
وقال كبير مستشاري الأمن القومي للرئيس الأوكراني، أوليكسي دانيلوف، في مقابلة أجرتها معه الصحيفة الأميركية: «المهمة الأولى لروسيا هي تقويضنا من الداخل».
وبحسب خبراء، فإن تلك التكتيكات تكشف كيف يمكن للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن يواصل الضغط على أوكرانيا دون التصعيد إلى حرب إطلاق نار قد تؤدي إلى فرض عقوبات من الغرب، وهنا يقول المسؤولون الأوكرانيون إن احتمال شن حملة لزعزعة الاستقرار أكبر من احتمال شن غزو واسع النطاق.
فعلى سبيل المثال يستطيع الكرملين عبر رفع وتيرة القتال والاضطراب في إقليم دونباس، شرق أوكرانيا، من خلال الانفصاليين الذين يسيطرون عليهم هناك، مما يؤدي إلى قتل الجنود الأوكرانيين والتأثير بشكل سلبي على طبيعة الحياة اليومية بالقرب من خط المواجهة.
وبحسب «وول ستريت جورنال» تستطيع روسيا لاحقا أن تستغل زيادة نسبة المعارك والاشتباكات لإرسال جيشها إلى عمق أوكرانيا، كما فعلت في جورجيا في عام 2008.
في المقابل، تحدث ميخائيل يفدوكيموف مدير إدارة بلدان رابطة الدول المستقلة في وزارة الخارجية الروسية، في مقابلة مع وكالة «تاس» للأنباء عن مواقف أوكرانيا في رابطة الدول المستقلة.
وذكر يفدوكيموف، الذي يشرف على مسائل التعاون متعدد الأطراف في المجال السوفيتي السابق، أن أوكرانيا لاتزال من الناحية القانونية عضوا في رابطة الدول المستقلة، لكنها منذ البداية اتخذت موقفا محددا تجاهها: فهي وقعت على وثيقة تأسيسها ولكنها لم تصدق على ميثاقها لعام 1993، وتعتبر نفسها «دولة مؤسسة»، ولكنها ليست عضوا في الرابطة. وأكد انه يمكن لأوكرانيا استئناف العمل في هذه الرابطة في أي وقت، مشيرا إلى اتصالات منفصلة مع الأوكرانيين في المجال الإنساني من خلال الصندوق المشترك بين الدول للتعاون الإنساني للدول الأعضاء في رابطة الدول المستقلة.
كذلك، أعربت روسيا عن قلقها إزاء قرار بعض الدول، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، سحب موظفيها العاملين في جنوب شرق أوكرانيا ضمن بعثة المراقبة الخاصة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا. وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا امس أن الرئاسة الحالية والأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا أبلغا الدول الأعضاء بأن «بعض الدول» قررت سحب مواطنيها الموظفين في بعثة الرقابة الخاصة للمنظمة في أوكرانيا، بدعوى «تفاقم الظروف الأمنية».
موسكو «لا تبالي إطلاقاً» بالعقوبات
ستوكهولم- أ ف ب: أكد سفير روسيا لدى السويد فيكتور تاتارنتسيف أن موسكو «لا تبالي» بخطر التعرض لعقوبات غربية في حال غزت أوكرانيا.
وقال تاتارنتسيف لصحيفة «أفتونبلاديت» السويدية في مقابلة نشرتها على موقعها الإلكتروني: «لا نبالي إطلاقا بعقوباتهم».
وأضاف الديبلوماسي المخضرم الذي يتحدث السويدية بطلاقة وتولى المنصب في البلد الاسكندنافي أربع مرات «خضعنا في الأساس للعديد من العقوبات وكان لذلك أثر إيجابي على اقتصادنا وزراعتنا».
وتابع «بات اكتفاؤنا الذاتي أكبر وتمكنا من زيادة صادراتنا. لا أجبان إيطالية أو سويسرية لدينا، لكننا تعلمنا صناعة أجبان روسية بنفس الجودة باستخدام وصفات إيطالية وسويسرية».
وأوضح أن «العقوبات الجديدة ليست بالأمر الإيجابي لكنها ليست بالسوء الذي يتحدث عنه الغرب» متهما الغرب بعدم فهم العقلية الروسية.
وقال «كلما ضغط الغرب أكثر على روسيا، سيكون الرد الروسي أقوى». وشدد تاتارنتسيف على أن موسكو تحاول تجنب الحرب، وقال «هذه رغبة قيادتنا السياسية الأكثر صدقا. آخر ما يريده الناس في روسيا هو الحرب».
لندن تغضب كييف بـ «اتفاق ميونيخ»
لندن - أ.ف.پ: أثار وزير الدفاع البريطاني بن والاس استياء أوكرانيا بمقارنته الجهود المبذولة لوقف تصعيد الأزمة الروسية-الغربية الراهنة بأجواء اتفاق ميونيخ الذي أبرم مع ألمانيا النازية لكنه لم ينجح في منع اندلاع الحرب العالمية الثانية.
وصرح والاس الذي زار موسكو مؤخرا في إطار الجهود الغربية لوقف التصعيد بشأن أوكرانيا، لصحيفة «صنداي تايمز» بأن الرئيس الروسي فلاديمبر بوتين «قد يقدم على وقف محركات دباباته ويذهب كل إلى بلاده، لكن هناك ما يشبه اتفاق ميونيخ في الأجواء كما يرى البعض في الغرب».
وأتاح اتفاق ميونيخ الذي أبرم عام 1938، تسوية سمحت لألمانيا النازية بضم منطقة السوديت الواقعة إلى شرق ألمانيا، من تشيكوسلوفاكيا السابقة، ودخل التاريخ كرمز للرضوخ الديبلوماسي الغربي أمام ألمانيا النازية، قبل سنة من اندلاع الحرب.
وانتقد سفير أوكرانيا في لندن فاديم بريستايكو استخدام هذه التعابير في إطار من التوتر بين روسيا والغربيين.
وقال لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) إن «الوقت ليس مناسبا لإهانة شركائنا في العالم عبر تذكيرهم بهذا الاتفاق الذي لم يجلب السلام في الواقع، بل على العكس، جلب الحرب».
من جهته، شرح الوزير البريطاني المكلف ملف ايرلندا الشمالية براندون لويس أن زميله بن والاس أراد «المقارنة بين المحاولات الديبلوماسية التي بذلت مع اقتراب الحرب العالمية الثانية والمحاولات الديبلوماسية التي نبذلها جميعا الآن».
ترامب يكشف سر «جرأة بوتين»
عواصم - وكالات: قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتن تشجع على غزو أوكرانيا، بعدما لاحظ الانسحاب الأميركي «الواهن» من أفغانستان العام الماضي. وأضاف ترامب في مقابلة مع شبكة «فوكس نيوز» مساء امس الأول أن الولايات المتحدة، ما كانت لتكون بهذا الضعف في أزمة أوكرانيا، لو كان هو في البيت الأبيض.
وألقى الرئيس السابق باللوم على إدارة بايدن في أزمة أوكرانيا، وربط ذلك بالانسحاب الأميركي من أفغانستان في أغسطس 2021، واعتبر أن هذا الانسحاب الذي قاده بايدن، كان «صادما»، وما كانت يجب أن يحدث.
وقال إن روسيا والصين كانتا تراقبان الوضع في أفغانستان عن كثب.
وأردف: «كيف وصلنا إلى هنا (تهديد روسيا بغزو أوكرانيا) هو نتيجة ما شاهدوه في أفغانستان. لقد شاهدوا أسوأ انسحاب واهن في تاريخ أي جيش على الأرجح». وتابع: «قالوا (الرئيس الصيني شي جينبينغ وبوتين) ما الذي يحدث لهم (الأميركيين)؟ إنهم لا يعرفون ماذا يفعلون (يقصد الأميركيين مجددا)؟ واعتبر الرئيس الأميركي السابق ان قادة الصين وروسيا صاروا أكثر طموحا فجأة بعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان. وأضاف: «أعتقد أن بوتين كان يريد التفاوض حقا لفترة من الوقت، لكن بعدما شاهد الانسحاب السيئ إلى حد لا يصدق في أفغانستان، حيث أخرجوا الجيش أولا وما يعادل من 85 مليار دولار من المعدات العسكرية لطالبان (...) أصبح (بوتين) أكثر جرأة».