بيروت - عمر حبنجر - داود رمال
لطالما كان هناك من يتمنى رؤية الريح تصفق نوافذ وأبواب السفارات العربية - الخليجية «المهجورة» في بيروت، لينفرد وحيدا، بسد الفراغ الناجم عن سلوكياته، لكن في النهاية لا يصح الا الصحيح، فقد تبدل اتجاه الرياح الإقليمية والدولية، ما سرع في عودة الديبلوماسية الخليجية الى قواعدها اللبنانية، بحماس كبير لتصحيح المسارات وتقديم العون، وفق «خريطة الطريق» التي رسمتها المبادرة الكويتية، المدعومة خليجيا وعربيا ودوليا، والتي ستشهد المزيد من التفعيل، بعد عيد الفطر المبارك، على صورة دعوات للكويت تبلغت شخصيات لبنانية رسمية، التحضير لتوجيهها اليهم في حينه.
وأعلن سفيرنا في بيروت عبد العال القناعي بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في بعبدا أمس، ان هناك رغبة لدى الرئيس عون بأن يكون ما حدث على صعيد العلاقات اللبنانية ـ الخليجية «حادثة عابرة وغيمة قد مرت»، مؤكدا «أن رئيس الجمهورية يتطلع الى افضل العلاقات مع جميع الأشقاء العرب وخصوصا مع الكويت».
وقال السفير القناعي للإعلاميين «إن ما هو منتظر، وفقا للمبادرة الكويتية، هو ان تقوم العلاقات بين الدول وخاصة بين الاشقاء على مبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وعدم مهاجمة الأشقاء أو الأصدقاء في كل مكان. وبالتالي إن المبادرة الكويتية واضحة وقد تجاوب معها الجانب اللبناني بكل صدق ومحبة. وذكرت سابقا أن ما سمعناه من الجانب اللبناني من تطمينات وأمور أخرى، جعلنا نتخذ هذه الخطوة، اي اعادة السفراء وتطبيع العلاقات واعادة العلاقات الى ما كانت عليه من اخوة وقوة ومتانة. أما فيما يتعلق بمسألة الانتخابات، لقد ذكرت ايضا ولا زلت اذكر بأن هذا الموضوع هو شأن لبناني، اللبنانيون هم من سيقررون من سيمثلهم في البرلمان، وبالتالي نحن نتعامل مع الدولة كدولة ولا نتدخل في شؤون الانتخابات او غيرها. وأنا أعتقد أن لبنان سيسير بإذن الله على الطريق الصحيح، والانتخابات ستتم، ونتمنى ان تتم بسلاسة ويسر، كما ان ما يهمنا ان يتم التفاهم والتوافق مع صندوق النقد الدولي لكي تتشجع الدول المانحة، عبر خطة واضحة وتعهدات سينفذها لبنان خلال تطبيقه الاصلاحات، ما يشجع المانحين على تقديم كل ما هو ممكن وكل بحسب امكاناته. وأتمنى أن تسير التفاهمات مع صندوق النقد بوتيرة اسرع وبشكل أوضح كي ينهض لبنان إن شاء الله ويتخطى هذه المصاعب المالية».
وردا على سؤال حول توجيه دعوات الى قيادات لبنانية في اطار تنفيذ المبادرة الكويتية لزيارة الكويت للبحث في هذه المسائل، أجاب: «أكيد. إن الكويت هي بلد عربي وشقيق للبنان وترحب بأي زيارة وبأي مسؤول في اي وقت».
وعن إمكانية مشاركة الكويت ودول اخرى في الصندوق المشترك السعودي ـ الفرنسي لمساعدة لبنان، اشار السفير القناعي الى ان «هذا الموضوع يسأل عنه الاخوة في المملكة وفي فرنسا، فهو صندوق سعودي ـ فرنسي، ولم توجه دعوة لمشاركة دول اخرى فيه بحسب علمي، وبالتالي هو أمر ما بين المملكة العربية السعودية وفرنسا ونتمنى بأن تكون هناك صناديق اخرى لدعم لبنان. فلبنان يستأهل كل خير».
وأكد أن الكويتيين لم ينقطعوا عن لبنان، ولن ينقطعوا عن زيارته. فلم يكن هناك حظر، بل كان هناك تحذير امني بسبب ظروف معينة وإن شاء الله تكون قد زالت هذه الظروف وستزول. لبنان هو البلد الثاني للكويتيين.
والى جانب الدينامية التي طبعت حراك القناعي، فقد أشاعت افطارات السفير السعودي وليد البخاري، وعودة سفيري قطر واليمن، جوا من الاطمئنان، على المستوى اللبناني العام.
ويتعين لبنانيا، دعم هذه التحولات الإيجابية، بالقوانين والتشريعات المالية، والتوقف عن التباطؤ، في تنفيذ الالتزامات التي أعطيت لأصحاب المبادرات العربية، تمهيدا لتنفيذ الخطوات الأولى، وأساسها الانتخابات التشريعية.
رئيس حزب القوات اللبنانية د.سمير جعجع اطلق برنامج القوات الانتخابي، داعيا الى منح القوات وكالة نيابية اكبر وأهم لتستطيع من خلالها وضع حد للتدهور الحاصل، وإطلاق عملية الإنقاذ المتشددة، وقال:«بدنا وفينا، اذا انتم بدكم اعطونا ثقتكم»، ودعا اللبنانيين الى محاسبة ومحاكمة كل من يتولى سدة المسؤولية في السلطة على اخطائه وسقطاته وفساده عبر صناديق الاقتراع، وليأت الى سدة المسؤولية من أثبتت التجارب انه الأكثر كفاءة ونزاهة وصلابة.
بدوره، حزب الكتلة اللبنانية، أعلن برنامجه الانتخابي للائحة «بعبدا التغيير» وهدفه بناء «الدولة القادرة والقوية السيدة على كامل أراضيها.» ودعا الى انتخاب لبنان الحياد ضد المحاور، معتبرا أن انتهاء الحرب، بعدم بقاء سياسيين يستطيعون تهديد السلم الأهلي، وان المعركة هي بوجه طبقة سياسية ومالية قررت مع سبق الإصرار والتصميم ان تبيع وتشتري بحقوق اللبنانيين.
لكن هذه الانتخابات المقررة في 15 مايو، مازالت علامة استفهام، وقد تبقى كذلك طالما ان ترسيم الحدود البحرية لم يحسم.. ومن هنا توقفت صحيفة «اللواء» القريبة من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي امام بروز عوامل عدة مقلقة «تؤشر الى نوايا مبيتة لتعطيل الانتخابات النيابية رغم كل المواقف الرسمية والسياسية التي تؤكد فتح صناديق الاقتراع. وسينتشر الجيش انتخابيا في المناطق كافة باكرا، اما عما يقال حول احتمالية تأجيل الانتخابات، فقد اكدت المصادر ان هذه القضية متروكة للظروف السياسية.
لكن البطريرك الماروني بشارة الراعي، باق على أمله بأن تخرج الانتخابات المقبلة وجوها نيابية جديدة، «لأنه من غير المعقول ان تظل الأسماء نفسها، مسيطرة على الحياة السياسية في لبنان منذ 30 عاما»، مجددا الدعوة الى «الاقبال على الاقتراع بكثافة، كي تعكس الصناديق الانتخابية هوية لبنان الحقيقية».
وفي حديث لقناة «سكاي نيوز عربية» قال الراعي ردا على سؤال: «لبنان لا يستطيع الانقطاع عن عالمه العربي»، واصفا زيارته للرئيس ميشال عون بعد عودة الأخير من الفاتيكان، بأنها لإنعاش رئاسة الجمهورية لا العهد، وقد عرض لي أجواء مباحثاته في الفاتيكان، وأنا أطلعته على محادثاتي في القاهرة، ولقائي الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي يحمل القضية اللبنانية في قلبه، حيث شكرته على فتح أبواب مصر واسواقها امام الشركات اللبنانية.