أعلنت رئيسة الوزراء البريطانية ليز تراس أمس استقالتها وإجراء انتخابات الأسبوع المقبل لاختيار خلف لها، بعد مواجهتها النكسة تلو الأخرى وصولا إلى استقالة وزيرة الداخلية والجلسة الصاخبة الأخيرة في البرلمان، وذلك بعد ستة أسابيع فقط على توليها رئاسة الحكومة، ما يجعل فترة رئاستها للوزراء هي الأقل في تاريخ بريطانيا.
وقالت تراس أمام مقر رئاسة الحكومة في «10 داوننغ ستريت» إنه «في ظل الوضع الحالي لا يمكنني إتمام المهمة التي انتخبني حزب المحافظين للقيام بها».
وأضافت «لذلك تحدثت إلى جلالة الملك (تشالز الثالث) لإبلاغه باستقالتي من رئاسة حزب المحافظين»، موضحة أن عملية اختيار النواب لخلف لها «ستستكمل خلال الأسبوع القادم».
وعزت تراس، أسباب استقالتها إلى عدم قدرتها على تنفيذ ما فوضها حزب المحافظين به في ظل تعقيدات داخلية وخارجية تعصف بالبلاد. وقالت في بيان نشر على موقع الحكومة البريطانية الإلكتروني إنها تولت منصبها في وقت يشهد عدم استقرار اقتصادي ودولي كبير.
وأضافت أنها جاءت إلى السلطة في وقت تعاني فيه العائلات والشركات البريطانية من حالة قلق بشأن كيفية دفع فواتيرها، مشيرة إلى أن انخفاض النمو الاقتصادي أعاق البلاد لفترة طويلة ولقد انتخبت من قبل المحافظين لتغيير هذه الوقائع.
وأوضحت أن حكومتها تعاملت مع ملف فواتير الطاقة وخفض التأمين الوطني، ووضعت رؤية لتنفيذ ضريبة منخفضة واقتصاد عالي النمو من شأنه أن يستفيد من حرية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وتابعت:«لكن في ضوء الوضع الراهن، لا استطيع تنفيذ ما أوليت إليه».
وفور استقالة تراس، دعا زعيم المعارضة العمالي كير ستارمر إلى إجراء انتخابات عامة «فورا».
ومن شأن استقالة ليز تراس أن تفتح المجال أمام تنافس داخل حزب «المحافظين» يمكن اختصاره في حال توافق نواب الحزب على بديل لها، وإلا فإن النواب يمكنهم أن يرصوا الصفوف لطرح الثقة بها.
وقال غراهام برادي، رئيس لجنة 1922 المؤثرة التي تضم عددا من نواب مجلس العموم البارزين «سيكون من الممكن إجراء اقتراع واستكمال انتخابات القيادة بحلول يوم الجمعة 28 أكتوبر الجاري.
لذا سيكون لدينا زعيم جديد في المنصب قبل البيان المالي في الحادي والثلاثين منه».
وفي السياق، أكد وزير المالية جيرمي هانت أنه لا يعتزم الترشح لزعامة حزب المحافظين، وليصبح رئيسا لوزراء المملكة المتحدة بحسب ما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي.).
وذكـــرت صحيفــة «الاندبندنت» أن وزير الخزانة السابق ريشي سوناك هو المرشح الأفضل حظوظا لخلافة تراس.
وقالت الصحيفة البريطانية انه يلي سوناك في الترشيح: وزيرة الدولة لشؤون الدفاع بيني موردونت، بسبب تعهدها بالسيطرة على التضخم، ثم وزير الدفاع بن والاس، معتبرة ان فرص عودة بوريس جونسون إلى «داونينغ ستريت» لاتزال منخفضة.
لكن صحيفة «التايمز» قالت إنه يعتزم الترشح. وقبيل اعلان استقالتها، اعترفت رئيسة الوزراء المستقيلة بأنها واجهت «يوما صعبا» امس الاول في البرلمان.
وفي جلسة البرلمان العاصفة، تساءل زعيم المعارضة العمالية كير ستارمر «ما فائدة رئيسة وزراء لا تصمد وعودها أسبوعا؟ معددا كل الاجراءات التي اضطرت تراس للتراجع عنها بضغط من الأسواق ومعسكرها.
وأجمع عناوين الصحف البريطانية الصادرة امس على وصف الأوضاع بأنها «فوضى» غداة جلسة كارثية في وستمنستر تحولت إلى «سوق مزايدات».
واعتبرت صحيفة «ذا صن» أن ليز تراس باتت «محطمة»، و«سلطتها مهشمة بعد يوم سادته الفوضى العارمة»، مشيرة إلى «حكومة بصدد الانهيار أمام أعيننا».
وقال عضو حزب المحافظين إد فايزي إن «السبيل الوحيد للخروج من هذه الفوضى هو بتنحي ليز تراس وتعيين النواب المحافظين رئيسا جديدا للوزراء».
ولكن في وقت لاحق، التقت تراس رئيس «لجنة 1922» في الحزب المحافظ المكلفة التنظيم الداخلي، ثم توجهت إلى قصر باكنغهام لإبلاغ الملك تشالز الثالث بقرارها.
وبعد ستة أسابيع فقط على توليها رئاسة الحكومة واجهت تراس ضغوطا للاستقالة بعدما اضطرت لإلغاء خطة خفض الضرائب الكارثية التي تسببت بإضراب في الأسواق في خضم أزمة غلاء معيشة حادة.
وتزامن ذلك مع دعوات بتنحي تراس بعدما استقالت وزيرة الداخلية سويلا برايفرمان، وكان وزير المالية كواسي كوارتينغ المقرب من رئيسة الوزراء المستقيلة قد أقيل على خلفية خطة خفض الضرائب واستبدل بجيريمي هانت الذي سارع إلى إلغاء الخطة بشكل شبه كامل.
وأوردت صحيفة «ديلي تلغراف» أن برايفرمان استقالت بعد «سجال مباشر محتدم» مع تراس وهانت «على خلفية مطالبتهما إياها بتليين موقفها في ملف الهجرة».
وبعيد إعلان استقالة تراس، عبر الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون عن أمله في أن تستعيد بريطانيا استقرارها «بسرعة»، فيما قال كبير موظفي البيت الأبيض رون كلاين إن الولايات المتحدة ستكون على علاقة وثيقة مع من سيخلف رئيسة الوزراء البريطانية المستقيلة.