بيروت ـ عمر حبنجر - أحمد عز الدين
لم تعد قضية «تقديم الساعة» موضوع الساعة في لبنان، بعدما سحب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي صاعق التفجير، عبر إلغاء قرار تأجيل الانتقال إلى التوقيت الصيفي، مع تأكيده أن المشكلة ليست ساعة شتوية أو صيفية، إنما مشكلة فراغ رئاسي، تتحمل القيادات السياسية والروحية مسؤوليته، خصوصا تلك القيادات التي فضت النصاب خلال الجلسات الانتخابية السابقة.
وأعلن ميقاتي العودة إلى التوقيت الصيفي بتشجيع من رئيسي الحكومة السابقين فؤاد السنيورة وتمام سلام، وكذلك من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، الذي وقف ضد تأخير التوقيت الصيفي، وقد عبر عن رفضه بالامتناع عن الرد على اتصالين من الرئيسين نبيه بري ونجيب ميقاتي، وأوكل هذه المهمة للنائب هادي أبوالحسن ولوزير التربية عباس الحلبي.
قناة «إم تي في» التي تقود حملة إعلامية ضد ميقاتي، لم تتردد في إنصافه، حيث قالت في نشرتها المسائية ليوم الاثنين: الرجل هو الذي يعرف كيف يعود عن خطئه، حتى لا يتحول خطأه إلى خطيئة، وهذا ما فعله ميقاتي، وكانت عودته عن الخطأ فضيلة.
البطريرك الماروني بشارة الراعي قدر موقف ميقاتي هو الآخر، وقد سارع إلى الاتصال به بعد اعلانه سحب القرار حول الساعة الشتوية، مبديا ارتياحه لـ «القرار الحكيم»، مشددا على عدم اعطاء موضوع «التوقيت الصيفي» أي بعد طائفي او فئوي، والتوافق على ان المدخل لانتظام عمل المؤسسات الدستورية، هو انتخاب الرئيس.
بدوره، اتصل شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز د.سامي ابي المنى بالرئيس ميقاتي، محييا إياه على «تفهمه وإقدامه»، مقدرا تجاوبه مع مبادرة جنبلاط. وكانت السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو أول زائرة للسراي الكبير بعد اعلان ميقاتي سحب مذكرة تأجيل التوقيت الصيفي، وجاءت في وقت يلوح في الافق تحرك جديد للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في اتجاه حل الأزمة الرئاسية في لبنان.
وتزامن ذلك مع وجود رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ونجله تيمور رئيس اللقاء النيابي الديموقراطي والنائب وائل أبوفاعور في باريس، حيث أجروا مباحثات تتصل بالوضع اللبناني الراهن مع مدير المخابرات الخارجية الفرنسية برنار ايمييه بحسب اذاعة «صوت لبنان»، التي تحدثت عن «شيء ما يتحضّر».
وقد عاد جنبلاط ومن معه إلى بيروت أمس، وتشير المعلومات إلى انه شرح لإيمييه وجهة نظره القائلة بطرح اسمي مرشحين من خارج الأسماء المطروحة والتي لا حظوظ لها، ومن بينها سليمان فرنجية، الذي جرى تسويقه من خلال معادلة أخفقت.
الانقسام السياسي المحتقن حط امس في جلسة اللجان النيابية حول إجراء الانتخابات البلدية، حيث ارتفعت حدة الصراخ من «الخبط» على الطاولات إلى استعمال تعابير تتجاوز سقف النقاش، كما تخللها سجال مرتفع النبرة بين النائبين سامي الجميل وعلي حسن خليل.
وقال الجميل ان ما حصل يمكن ان يأخذ البلد إلى مكان آخر، وتمنى على رئيس المجلس نبيه بري ان يطلع على ما حصل، وأضاف: «إذا قبل بذلك فهناك مشكلة كبيرة، وإذا لم يعالج الأمر فتكون الرسالة وصلت ونتشاور مع آخرين».
في المقابل رد النائب خليل فقال ان البعض يرفع شعار الشعبوية لكن لا يمكن إجراء الانتخابات البلدية إلا بعد تأمين التمويل فلتنجزه اللجان ونذهب إلى الهيئة العامة، معتبرا أن البعض مصر على تعطيل المجلس من وجهة نظر سياسية ولكن ليست دستورية.
وقال خليل: نحن لا نقبل أن توجه الينا الاتهامات وألا يرد عليها بصوت عال لأن بعض النواب تجاوزوا حدود الزمالة ونحن لا نقبل أن يقال «لكم لبنانكم ولنا لبناننا»، نحن لا نعترف إلا بلبنان واحد.
ونفى النائب ياسين ياسين وقوع تضارب كما أشيع بل مجرد ارتفاع للأصوات وقال: «القلوب مليانة».
بدورها، النائبة بولا يعقوبيان قالت: البعض يريد ان يذهب إلى حرب أهلية صغيرة لتطيير الانتخابات البلدية.
وكانت اللجان انعقدت برئاسة نائب رئيس مجلس النواب إلياس أبوصعب وبحضور وزيري الداخلية والمالية وعدد كبير من النواب لبحث جدول أعمال من 8 بنود أبرزها تأمين الأموال لإجراء الانتخابات البلدية والاختيارية التي طيرت الاجتماع.
وبعد الاجتماع تحدث أبوصعب فعرض لأجواء التشنج التي سادت، وقال: يجب على الجميع أن ينظر كيف نجتمع وإلى كيف نفترق، وكل يوم الشرخ يزيد وكل كلام يحرف أو يفهم بطريقة خطا يؤدي إلى شرخ طائفي.
في غضون ذلك، احتدم النقاش بين رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع والنواب التغييريين الذين حمل انقسامهم وضياعهم مسؤولية عدم توحد مواقفهم، في موضوع رئاسة الجمهورية، وقد غردت نائبة الشوف حليمة قعقور، عبر تويتر، قائلة: لست يا جعجع من يحدد شكل المعارضة ولا دورها ولا نهجها وسلوكها.
بدوره، نائب بيروت ابراهيم منيمنة قال عبر تلفزيون «الجديد» متوجها إلى جعجع: «جربناكم في كل المراحل، ومن جرب المجرب كان عقله مخرب، ومعاييركم السياسية بلوها واشربوا ميتها».
وكان جعجع قال في حديث صحافي: «إن كل أملنا هو في توحيد المعارضة، وكل الوقت نعمل على ذلك، لكن العمل صعب والتقدم بطيء جدا»، ووصف منيمنة والنائبة وحليمة القعقور بأنهما «جيدان جدا كأشخاص، ولكن بغير دني. يريدان إلغاء الطائفية السياسية ويريدان الوحدة العربية وتحرير فلسطين في الوقت نفسه، ولديهما حساسية مفرطة على كل ما كان موجودا في السابق، ومن بينها القوات اللبنانية».