بيروت ـ عمر حبنجر
غاب وزراء «التيار الوطني الحر» عن اجتماع مجلس الوزراء، الذي انعقد في مقر رئاسة الحكومة في السراي الكبير برئاسة نجيب ميقاتي، أمس، رغم النداء الذي وجهه إليهم وللآخرين للحضور لمواجهة متطلبات المرحلة الوطنية الصعبة.
وكرر ميقاتي نداء الحضور للوزراء المتغيبين وأبرزهم وزير الدفاع موريس سليم، الممتنع عن توقيع اقتراح تأجيل تسريح قائد الجيش العماد جوزاف عون، انسجاما مع موقف مرجعيته السياسية رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يرى في تأجيل تسريح قائد الجيش يعني احتفاظا له بموقعه في السباق إلى رئاسة الجمهورية.
ولا تخفي مراجع سياسية وروحية لبنانية قلقها من امتداد الشغور الرئاسي، الذي اطفأ شمعته السنوية الأولى أمس، إلى قياده الجيش في حال عدم استدراك الأمر قبل العاشر من يناير المقبل، موعد تقاعد القائد جوزاف عون، بتمديد ولايته مدة سنة أو تعيين رئيس للأركان يحل محله، بعد التقاعد.
وكان ثنائي «أمل وحزب الله» نأيا بنفسيهما عن هذا الطرح، على الرغم من الانطباعات التي صنفت رئيس مجلس النواب نبيه بري كأحد دعاة التمديد لقائد الجيش مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، لكن لدى سؤاله عن موقفه من اقتراح القانون المعجل المكرر المقدم من نواب القوات اللبنانية حول التمديد سنة لرتبة عماد، نقلت عنه صحيفة «الأخبار» القريبة من حزب الله قوله: «أنا لا أشرع «إلا كارت»، ولا بحسب مزاجهم، ساعة يريدون هم مع التشريع، وساعة لا يريدون فيقاطعون المجلس. أعرف ما عليّ فعله، ولا أحد يملي عليّ لا موعد الجلسة ولا جدول أعمالها».
وفي المقابل، قالت النائبة ستريدا جعجع: الأمن القومي اللبناني مهدد بخطر داهم، وهنا كان اقتراح تكتل «الجمهورية القوية» مع كتل المعارضة برفع سن تقاعد العسكريين من 60 إلى 61 عاما، باعتبار ان الظروف التي تمر بها البلاد توجب ان تبقى المؤسسة العسكرية بمعزل عن أي اضطرابات، كما يجب ان تبقى قيادتها فاعلة وحاضرة، وتمنت على الرئيس ان يحدد جلسة لمجلس النواب من أجل ذلك، وتوجهت إلى النواب بنداء كي يضعوا كل الحساسيات جانبا ولمرة واحدة، والعمل لمصلحة لبنان وأمنه، ودعتهم لحضور هذه الجلسة والتصويت للاقتراح.
وبالمناسبة، انضم الأردن إلى الدول التي دعت رعاياها لعدم السفر إلى لبنان، إلا للضرورة القصوى.
وفي الموازاة، تشهد العاصمة اللبنانية «حركة دفاعية ـ ديبلوماسية»، إذا صح التعبير، بوصول قائد الحرس الثوري الإيراني إسماعيل قآني إلى بيروت، ثم وصول وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لكورنو، وينتظر وصول مساعدة وزير الخارجية الأميركي بربارة ليف.
وعدا قآني، الذي يحصر لقاءاته بقيادة حزب الله وقادة «الفصائل الفلسطينية» الحليفة، فإن ليف ولوكورنو سيلتقي كل منهما المسؤولين اللبنانيين عينهم: رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، وقائد الجيش العماد جوزاف عون، أما محور الكلام فهو حث المسؤولين اللبنانيين على الابتعاد عن لظى الحرب المشتعلة في قطاع غزة، وكأن القرار بالاقتراب أو الابتعاد عن هذه الحرب بيدهم.
ومن هنا قول منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي «نحن نتابع عن كثب خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله يوم الجمعة المقبل، ورسالتنا له عدم توسيع الصراع في المنطقة».
وتقول مصادر ديبلوماسية في بيروت ان الوقت الفاصل عن كلمة السيد نصرالله هو المهلة التي سيتبلور بعدها الموقف الذي عليه اتخاذه من المشهد في غزة.. هدنة إنسانية أم مواجهة مفتوحة.
في هذا الوقت، يسعى حزب الله إلى حشد أكبر عدد من التنظيمات الإسلامية الرديفة، سعيا لغطاء سني، على غرار «قوات الفجر»، التابعة لـ «الجماعة الإسلامية» في صيدا التي أصدرت بيانات تبنت فيها إطلاق قذائف من الجنوب باتجاه الشمال الفلسطيني المحتل.
المكتب السياسي لحزب «الكتائب» أعلن رفضه ان يكون مصير لبنان رهن كلمة أمين عام حزب مسلح من هنا أم وزير خارجية دولة أخرى من هناك، وحمل الحكومة ورئيسها مسؤولية اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع إقحام لبنان في الحرب الدائرة، والعمل على نشر الجيش على الحدود، تطبيقا للقرار الدولي 1701 بالتنسيق مع قوات حفظ السلام.
وفي غضون ذلك، نفذت المخيمات الفلسطينية في لبنان يوم غضب شمل جميع المخيمات تضامنا مع قطاع غزة.
أما في الجنوب فقد حافظت الجبهة على حرارتها، لكنها لم تصل إلى حد الخروج عن «قواعد الاشتباك».
ومع وصول قآني إلى بيروت، وزع الإعلام الحربي لحزب الله رسما بين حصيلة العمليات العسكرية ضد المواقع الحدودية، منذ مطلع أكتوبر حتى اليوم، وهي تظهر مقتل 120 جنديا إسرائيليا وتدمير 9 دبابات وإسقاط مسيرات إسرائيلية، فضلا عن تنفيذ 110 عمليات طاولت منظومة الاستخبارات والاتصالات و33 رادارا.