بيروت ـ زينة طبارة
رأى الخبير المالي والاقتصادي د. إيلي يشوعي، ان موازنات الدول ليست مجرد أرقام عشوائية، انما هي كناية عن توقعات منطقية قابلة للتحقق، وذلك وفقا لقاعدة التوازن بين مجموعي الإيرادات والواردات، لكن ما جرى في لبنان، ان مجلس النواب صادق على موازنة اقل ما يقال فيها انها وهمية، حيكت بنودها بنسيج من الباطل والعشوائيات، معتبرا انه كان اجدى بحكومة تصريف الاعمال المفلسة فكريا، فيما لو أرادت فعلا ان يكون للبنان موازنة متوازنة قادرة على التعامل مع الانهيار النقدي والاقتصادي، ان تنجز خلال اربعة أعوام من عمرها في سدة الحكم، عددا من الإصلاحات المالية والإدارية والقضائية، التي تخولها خوض معركة النهوض بلبنان والانتصار بها، واهمها:
- وقف تعطيل الادارات الرسمية لاسيما منها تلك التي تدر أموالا طائلة على الخزينة.
- تحقيق المساواة في الضريبة امام المكلفين.
- شحذ سيف القضاء للبحث عن الأموال المهربة والمفقودة، إضافة الى تحديد هوية المنتفعين منها.
- ضبط الحدود لوقف التهريب برا وبحرا وجوا.
- معالجة التهرب من الضريبة بقبضة حديدية قاصمة.
- إعادة هيكلة القطاع المصرفي بالتوازي مع وضع خريطة طريق علمية لاستعادة أموال الناس المسروقة.
- إيجاد حل لمسالة الديون الخارجية للدولة.
لكن ما فعلته حكومة الرئيس ميقاتي على مدى اربع سنوات، انها استسلمت امام مافيات المال والاقتصاد، وامام عصابات السياسة، ووضعت نفسها في موقع المتفرج على انهيار الدولة وتعميم الفوضى.
وبتعبير أدق لفت يشوعي في تصريح لـ «الأنباء» الى ان الموازنات العامة للدول، تعبر عادة عن خمس سياسات اساسية، وهي سياسة الإدارة العامة، السياسة النقدية، السياسة الاقتصادية الاستثمارية، السياسة الضريبة وسياسة إدارة الاملاك العامة، الا في لبنان حيث تغيب (ان لم نقل تغيب) تلك السياسات عن موازناته، لتأتي مجرد ارقام عشوائية لا تخدم سوى المنتفعين منها.
وردا على سؤال لفت يشوعي الى ان الكتل النيابية التي صادقت على موازنة العام 2024، لم تكن في قرارة نفسها مقتنعة بها، لا بل كانت على يقين بأنها موازنة باطلة شكلا ومضمونا ولا تستحق بالتالي سوى تمزيقها ورميها في سلة المهملات، انما صادقت عليها ليس فقط من منطلق الحسابات الانتخابية والمزايدات الشعبوية، بل والأخطر، من منطلق القوطبة على كل إمكانية من شأنها أن تطلق يد القضاء في البحث عن الأموال المفقودة والمهربة، وتوقيف المتورطين بهذا الملف الجنائي.
وختم يشوعي معتبرا أن لبنان اليوم كناية عن دولة فاشلة، ولا يمكن لحكومات ما يسمى بالوحدة الوطنية، حكومات الأحزاب والأزلام والمحاسيب، أن تأتي بموازنات تسير شؤون الدولة، وأن تنفض عن قضائها وسائر مؤسساتها الدستورية والإدارية، وعن قطاعها النقدي والمصرفي وغيرهما من القطاعات الرسمية والأملاك العامة، غبار السنين العجاف التي أوصلت الأحزاب الى الحكم وانهكت لبنان الدولة والكيان.