الجار من يقرب مسكنه من مسكنك، والجار لا يكون جارا لغيره إلا وكان ذلك الغير جارا له، والجار الذي يجير غيره، وبناء على ذلك فالجاران هما اللذان يجيران بعضهما، ومن الامتثال للوصية بالجار إيصال ضروب الإحسان إليه ويحسب الطاقة كالهدية والسلام وطلاقة الوجه وتفقد حاله ومعاونته، فيما احتاج إليه وكف أسباب الأذى عنه حسية كانت أو معنوية، قال ابن حجر، رحمه الله، والجار القريب من بينهما قرابة والجار الجنب بخلافه. قال تعالى: (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل) (النساء: 36).
وفي الصحيحين مرفوعا: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره».
والجار يشمل جميع الجيران المسلمين وغير المسلمين.
للجار حق كبير عليك فإن كان قريبا منك في النسب وهو مسلم فله ثلاثة حقوق: حق الجوار، وحق القرابة، وحق الإسلام.
وإن كان مسلما وليس بقريب في النسب فله حقان: حق الجوار وحق الإسلام، وإن كان غير مسلم وهو قريب، فله حقان: حق القرابة وحق الجوار، وإن كان غير مسلم وليس بقريب، فله حق الجوار.
فعلينا بأداء حقوق الجار وهي كثيرة، ونزيد على ذلك في رمضان.
ومن بستان الأدب:
قول حسان بن ثابت رضي الله عنه.
فما أحَدٌ مِنَّا بمُهْدٍ لجَارِهِ
أذَاةً ولا مُزْرٍ بهِ وَهْوَ عَامِدُ
بأنا نَرَى حَقَّ الجِوَارِ أمَانَةً
وَيَحْفَظُهُ مِنّا الكريمُ المعَاهِدُ
وقال المعاتب:
يلومُونني أن بِعْتُ بالرُّخْصِ منزلي
ولم يعلموا جارًا هناكَ يُنَغِّصُ
فقلتُ لهم: بعضُ الملام فإنَّما
بجيرانها تَغْلُو الدِّيارُ وتَرْخُصُ
ومن جميل ما قيل:
عليكم بتقوى الله في السرِّ والجهرِ
ولا تلبسوا صدق الأمانةِ بالغدرِ
وكونوا لجار الجنبِ حصنًا وجنةً
إذا ما عرتهُ النائباتُ من الدهرِ
وختاما، نذكر بحديث رواه البخاري في «الأدب المفرد» (115) وهو صحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: «خير الأصحاب عند الله تعالى خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله تعالى خيرهم لجاره».