من عمان إلى تل أبيب فالقاهرة، تسارعت وتيرة الجهود الديبلوماسية لإنجاز اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة الذي أمضى الأشهر السبعة ونيف الماضية تحت وابل من القصف الإسرائيلي، أحل به دمارا يفوق ما حل بأوكرانيا التي تخوض حربا مع روسيا منذ أكثر من عامين، فضلا عن أكثر من 110 آلاف بين قتيل وجريح.
وبدت الولايات المتحدة أكثر تصميما من ذي قبل على التوصل إلى الهدنة، وهو ما أكده وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في إسرائيل التي وصل إليها أمس الأول قادما من الأردن وقبلها السعودية.
وقبل أن تعطي حركة المقاومة الإسلامية «حماس» وإسرائيل ردهما على أحدث مقترحات الهدنة، قال بلينكن خلال لقائه الرئيس الإسرائيلي اسحق هرتزوغ في تل ابيب أمس، «حتى في هذه الأوقات الصعبة، نحن مصممون على التوصل إلى وقف لإطلاق النار يعيد الرهائن إلى ديارهم والتوصل إليه الآن»، محملا «حماس» مسؤولية عدم حصول ذلك.
وأعلن بلينكن في وقت لاحق أمام متظاهرين إسرائيليين مناهضين للحرب في قطاع غزة استقبلوه بحرارة، «هناك اقتراح جيد جدا مطروح على الطاولة حاليا، يجب أن تقبله حماس».
وردد هؤلاء المتظاهرون «شكرا بايدن، شكرا بلينكن» حاملين الأعلام الأميركية أمام الفندق الذي نزل فيه بلينكن. والتقى الوزير الأميركي في اجتماع مغلق عائلات محتجزين لدى حماس، وأكد لها أن مصيرهم «في صلب كل ما نحاول القيام به».
ثم توجه إلى القدس المحتلة حيث التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي كان كرر تأكيده أن الجيش الإسرائيلي سيشن هجوما بريا في رفح «مع أو بدون» هدنة مع حركة حماس.
وأكد بلينكن معارضة واشنطن لذلك الهجوم، بحسب ما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر الذي أشار إلى أن كبير الديبلوماسيين الأميركيين «كرر موقف الولايات المتحدة الواضح بشأن رفح».
في المقابل، كشف موقع «واللا» الإسرائيلي نقلا عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، أن نتنياهو أبلغ بلينكن أنه لن يقبل باتفاق يتضمن إنهاء الحرب، وان نتنياهو يقول إنه إذا لم تتخل حركة حماس عن هذا الطلب فلن يكون هناك اتفاق وستجتاح إسرائيل رفح، ما يخفض نسب التفاؤل باحتمال التوصل إلى اتفاق.
وبعد وصف مسؤول في حماس الأجواء المحيطة بالهدنة بالإيجابية، عبر القيادي في الحركة يوسف حمدان، عن اعتقاده بأن العرض الإسرائيلي الأخير لوقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين يقترب من موقف الحركة وشروطها، لكنه لا يزال يتضمن «بنودا ملغمة قد تؤدي الى تفجير الاتفاق عند التنفيذ».
وقال حمدان لوكالة أنباء العالم العربي إن هناك أطرافا تصف الورقة الإسرائيلية بأنها «تتضمن عرضا سخيا وذلك من أجل الضغط على الحركة لقبول العرض كما هو»، في إشارة إلى تصريحات أدلى بها وزيرا الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والبريطاني ديفيد كاميرون يوم الاثنين الماضي. وأضاف «ننتظر رد إسرائيل على ملاحظاتنا». وفي السياق، كشف مصدر مصري رفيع المستوى عن مشاورات مصرية لحسم نقاط خلافية بين إسرائيل والحركة، حسب ما نقلته قناة «القاهرة» الإخبارية.
وأفاد المصدر باستمرار الجهود للوصول إلى اتفاق للهدنة وسط أجواء إيجابية. وأضاف أن «هناك مشاورات مصرية مع كل الأطراف المعنية لحسم بعض النقاط الخلافية بين الطرفين دون توضيح».
والمقترح الجديد ينص على وقف الأعمال الحربية لمدة 40 يوما مقابل الإفراج عن رهائن وادخال المساعدات للقطاع المدمر، مقابل محاولة بلينكن إقناع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالعدول عن الاجتياح البري لرفح التي تؤوي أكثر من مليون ونصف المليون نازح من باقي أنحاء القطاع.
بموازاة التحرك الأميركي، قرر وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورنيه تمديد جولته في الشرق الأوسط، والتوجه من اسرائيل إلى القاهرة «في إطار الجهود المصرية للتوصل إلى هدنة في قطاع غزة وإطلاق سراح الرهائن»، حسبما أفاد الوفد المرافق له وكالة فرانس برس.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة حماس ارتفاع حصيلة الضحايا في قطاع غزة إلى 34568 شهيدا، فيما ارتفعت حصيلة الجرحى إلى 77765 إصابات.
وعلى صعيد الدمار الذي تخلفه آلة الحرب الاسرائيلية، أعلن مونغو بيرتش مسؤول عمليات نزع الألغام في الأمم المتحدة عن قطاع غزة، أن كمية الأنقاض والركام التي يتوجب إزالتها في القطاع أكبر مقارنة بأوكرانيا.
وأوضح، خلال مؤتمر صحافي في جنيف، انه «لفهم مدى ضخامة الأمر، جبهة القتال في أوكرانيا تبلغ 600 ميل (نحو 1000 كيلومتر) في حين أن غزة لا يزيد طولها على 25 ميلا» وهي كلها جبهة قتال.
لكن المشكلة لا تقتصر على حجم الأنقاض البالغ 37 مليون طن، أو 300 كيلوغرام لكل متر مربع، وفقا لتقدير أجرته الأمم المتحدة منتصف ابريل.