احتدمت الحركة الطلابية المؤيدة للفلسطينيين والرافضة لحرب اسرائيل على غزة بين ضفتي المحيط الأطلسي، حيث ذكرت الاحتجاجات التي تجتاح الجامعات الأميركية بتلك التي ناهضت الحرب على فيتنام في ستينيات القرن الماضي، فيما دعت الحكومة الفرنسية الجامعات لاستخدام «أقصى حد من الصلاحيات» لمواجهة التعبئة الرافضة للحرب في غزة.
وشبهت المؤرخة في جامعة هارفارد جولي روبن التي عملت على النشاط الطلابي التعبئة المؤيدة للفلسطينيين التي تجتاح الجامعات الأميركية منذ أكثر من أسبوعين، بتحركات احتجاجية سابقة في البلاد.
وفي رأيها أن «الانقسامات العميقة المشحونة بالمشاعر» بشأن غزة فضلا عن استعانة بعض الجامعات بالشرطة للتدخل في حرمها تذكر ببعض جوانب التظاهرات الطلابية احتجاجا على حرب فيتنام في الستينيات والسبعينيات.
كذلك يدعو الطلاب اليوم إلى أن تقطع جامعاتهم كل الجسور مع شركات أو متبرعين على ارتباط بإسرائيل، ما يتماهى مع طلبات مماثلة بشأن نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا. وشهدت الستينيات أكبر حقبة من التظاهرات الطلابية في الولايات المتحدة ودول أخرى عدة، بدأت في 1964، وبين العامين 1968 و1972، كانت التظاهرات كبيرة جدا، وشملت خصوصا الحقوق المدنية وحقوق الطلاب والحريات والنساء، وكان ثمة موضوع رئيسي هو حرب فيتنام.
جاء ذلك فيما تدخلت الشرطة في عدد من الجامعات الأميركية ونفذت عمليات توقيف جديدة.
واندفع العشرات من أفراد الشرطة إلى جامعة كاليفورنيا في لوس أنجيليس، حيث وقعت صدامات مع الطلاب بعدما شرعت بفك اعتصام الطلبة، وإزالة حواجز نصبت حول خيم نصبها محتجون في حرم الجامعة.
وأظهرت مشاهد بثتها محطة «سي ان ان» الإخبارية الأميركية عناصر الشرطة الذي تسلحوا بوسائل مكافحة الشغب وقد أزالوا ألواحا خشبية فضلا عن أسلاك فيما أوقفوا محتجين عدة.
وكان تجمع حشد كبير من الطلاب والخريجين والجيران على درج الحرم الجامعي خارج منطقة مخيم الاعتصام، وجلسوا يستمعون ويصفقون للمتحدثين وينضمون إلى الهتافات المؤيدة للفلسطينيين.
واستمرت الفوضى لعدة ساعات قبل تدخل الشرطة، التي لم تجر اعتقالات. وأصيب 15 متظاهرا على الأقل، وأثار الرد غير الحاسم من جانب سلطات إنفاذ القانون انتقادات زعماء سياسيين وطلبة مسلمين وجماعات مؤيدة.
وفي جامعة تكساس في دالاس، فككت الشرطة مخيما احتجاجيا وأوقفت 17 شخصا على الأقل بتهمة «التعدي الإجرامي»، وفق ما ذكرت الجامعة.
كذلك أوقفت سلطات إنفاذ القانون الكثير من الأشخاص في جامعة فوردهام في نيويورك وأخلت مخيما نصب بالحرم الجامعي، بحسب مسؤولين. وأمس الأول أخرجت القوات الأمنية التي تدخلت بصورة مكثفة الطلاب الذين كانوا يحتلون مبنى بجامعة كولومبيا العريقة في مانهاتن احتجاجا على الحرب في غزة.
وفي فرنسا طلبت الحكومة الفرنسية من رؤساء الجامعات ضمان «الحفاظ على النظام» في مواجهة التعبئة الرافضة للحرب في غزة، باستخدام «أقصى حد من الصلاحيات التي يمنحها القانون لهم» لاسيما استدعاء الأمن والعقوبات التأديبية، وذلك بعد تنظيم عدة تجمعات واعتصامات أحدها في حرم كلية «ساينس بو» المرموقة والعديد من الجامعات، ما أدى في بعض الحالات إلى تدخل الشرطة، بالتوازي مع تعبئة مستمرة في جامعات كثيرة بالولايات المتحدة.
وذكرت وزيرة التعليم العالي سيلفي ريتايو رؤساء الجامعات العامة البالغ عددها 74 جامعة في فرنسا بأنهم «مسؤولون عن حفظ النظام داخل حرم الجامعة، ولا يمكن للشرطة الدخول إلا بناء على طلب من سلطة الجامعة». كما طلبت منهم سيلفي ريتايو «ضمان... تعددية التعبير» داخل الجامعات و«تعزيز أنظمتها للسماح بإجراء جميع المناقشات في مؤسساتها، في كنف احترام مع القانون، بطبيعة الحال، وكذلك الأشخاص والأفكار».