بيروت - بولين فاضل
أبعد ما تكون عن مرحلة المصالحة المسيحية التاريخية في العام 2016، تبدو راهنا العلاقة السياسية بين حزبي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر».
في العام 2016، نسج كل من النائب عن «التيار» ابراهيم كنعان والنائب «القواتي» ملحم رياشي (ما كان نائبا في تلك المرحلة) مصالحة على مستويي القيادة والقاعدة بين الحزبين المسيحيين، طوت صفحة اقتتال الأخوة الدموي إلى غير رجعة.
أما اليوم فتنعت «القوات اللبنانية» غريمها «التيار الوطني الحر» بـ «الكذب والنفاق». بدوره، لا يوفر «التيار» مناسبة إلا ويصف فكر «القوات» بـ «الانعزالي التقسيمي»، فيضحى في هذه الحال البحث عن نقاط التقاء بين الحزبين كمن يبحث عن إبرة في كومة قش.
إلا أن هذه الإبرة، يبدو وكأنها بانت، وهي إبرة النازحين السوريين، إذ يتطلع كلا «الحزبين» إلى «تصفير» الوجود السوري غير الشرعي على الأراضي اللبنانية. وهو هدف جمع الحزبين في منطقة البترون في الشمال (للمفارقة أن البترون كانت أم المعارك بين «القوات» و«التيار» في الانتخابات النيابية الأخيرة)، فكان مؤتمر «بتروني بلدي واختياري قبل ظهر أمس، بتوافق قواتي – عوني لتنظيم الوجود السوري في البترون، وصولا إلى تكريس معادلة «صفر نازحين» فيها.
هدف مشترك جعل نائبي البترون اللدودين رئيس«التيار الوطني الحر» جبران باسيل والنائب «القواتي» غياث يزبك يحضران المؤتمر ويظهران معا للمرة الأولى في لقاء «بتروني».
وبعيدا من نقاشات المؤتمر الذي عقد في مجمع «سان ستيفانو» السياحي البحري في البترون بحضور رؤساء بلديات المنطقة ومخاتيرها وفاعلياتها وقادة الأجهزة الأمنية، كان لابد من السؤال ما إذا كان «التقاطع» المناطقي بين «القوات» و«التيار» على ملف حساس وشائك هو ملف النزوح، يمكن أن يؤسس إلى تقارب والتقاء أكبر بين الحزبين المسيحيين؟
النائب «القواتي» عن منطقة البترون غياث يزبك قال في حديث لـ «الأنباء» إن «القوات والتيار على تعارض جوهري وليس المطلوب اليوم لا الانكسار ولا العناد ولا الاستسلام لرغبة الناس والتوحد بالتالي على «زغل»، لأن ثمة أشياء كثيرة يجب على التيار أن يعيد حساباته فيها للعودة إلى جوهر الدور الوطني لكل حزب ولاسيما جوهر الدور المسيحي».
ورأى يزبك أن الإشكالات مع «التيار» كبيرة وليست «القوات» من تقوم بتكبيرها، قائلا: «هذا الأمر لا يمنع القدرة على الاتفاق على ملفات معينة، ونموذج وحدة النظرة إلى موضوع النزوح السوري في البترون لإراحة المنطقة من فوضى النزوح هو جزء من مفهوم اللامركزية الإدارية. وإذا نجح هذا النموذج، يمكن أن يشكل نموذجا يحتذى. وستواصل القوات السعي، لاسيما أنها سبق وتقاطعت مع التيار على مرشح للرئاسة. وهذا التقاطع لا يزال قائما، ولو أن هدف التقاطع كان شيئا لدى التيار وشيئا آخر لدى القوات».
النائب عن منطقة الكورة الشمالية في «التيار الوطني الحر» جورج عطاالله قال بدوره لـ «الأنباء» إن «القاعدة العامة بالنسبة إلى التيار هي أنه لا يجوز الاختلاف سواء مع القوات أو مع غيرها على الأمور الوطنية. وقد أتى موضوع النازحين السوريين ليشكل هما مشتركا للبنانيين جميعهم».
وإذ تحدث عطاالله عن «تنسيق مشترك بين التيار والقوات في ملف النزوح في أكثر من منطقة»، ذكر بالتواصل الكبير مع «القوات» الذي أدى إلى التقاطع على مستوى رئاسة الجمهورية على مرشح هو جهاد أزعور. وقال: «ثمة نية لتوسيع إطار التواصل إلى مواضيع أخرى تمهيدا لاستعادة الثقة السياسية بين الطرفين، بعد التقاطع الذي حصل في ثلاثة مواضيع هي رئاسة الجمهورية والنزوح السوري واللامركزية الإدارية»