عواصم ـ خديجة حمودة ووكالات
عقد بمنتجع البحر الميت غرب العاصمة الأردنية عمان مؤتمر «الاستجابة الإنسانية الطارئة في غزة» بتنظيم مشترك بين الأردن ومصر والأمم المتحدة وبمشاركة ممثل صاحب السمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد وزير الخارجية عبدالله اليحيا، و50 دولة وعدد من المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني والإغاثي.
وقد ألقى ممثل صاحب السمو الأمير، كلمة دولة الكويت في أعمال المؤتمر، أعرب خلالها عن بالغ التقدير للمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، وجمهورية مصر العربية الشقيقة، ومنظمة الأمم المتحدة، على مبادرتهم المهمة لعقد هذا المؤتمر بهدف تحديد سبل تعزيز استجابة المجتمع الدولي للكارثة الإنسانية في قطاع غزة، وتحقيق ما نصبو إليه جميعا بتخفيف المعاناة الإنسانية التي أفرزها عدوان قوات الاحتلال الإسرائيلي الآثم على الأشقاء الفلسطينيين في قطاع غزة.
وشدد على المعاناة التي يعيشها أهالي غزة والتي تجاوزت حدود اللغة والتعبير، مجددا إدانة دولة الكويت لتعنت السلطة القائمة بالاحتلال وعرقلتها لوصول المساعدات الإنسانية، وفرضها لحصار ولإجراءات تعسفية على المعابر الحدودية، مما حال دون وصول الإمدادات الحيوية الكافية إلى سكان القطاع المحتاجين وأدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية الناتجة عن العدوان، مؤكدا ضرورة استنهاض المجتمع الدولي مسؤوليته نحو بلورة تصورات واضحة المعالم لإغاثة أهل غزة دون قيد أو شرط، ووضع حد لهذه الانتهاكات الصارخة للقوانين والصكوك الدولية التي تكفل حق الشعوب في الحصول على المساعدات الإنسانية أثناء النزاعات.
كما أشار إلى أن الكويت لن تتوانى عن مد يد العون للشعب الفلسطيني الشقيق، وستستمر بدعمه في ظل ما يتعرض له من ظلم وعدوان، مستعرضا الحملات الحكومية والشعبية والأهلية التي قدمتها دولة الكويت لمساعدة الأشقاء في فلسطين، عبر تسيير جسور جوية لإيصال آلاف الأطنان من المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة، وبلغ عدد طائراته حتى يومنا هذا 50 طائرة، وما يفوق 100 قافلة إغاثية برية وبحرية محملة بمستلزمات إغاثية ومواد إيوائية، بالإضافة إلى ابتعاث فرق وطواقم طبية كويتية لتقديم العون والمساندة المباشرة إلى قطاع غزة، وذلك انطلاقا من موقف دولة الكويت المبدئي والراسخ والثابت في التضامن والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقه المشروع.
وأكد أن دولة الكويت ستتواجد دائما وأبدا في صفوف المناصرين للقضية الفلسطينية، متمسكة بخيار السلام العادل والشامل وفقا للمرجعيات والقرارات الدولية ذات الصلة، بما يحقق التطلعات المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، مرحبا بالتأييد المتزايد للاعترافات الرسمية بدولة فلسطين وبالدعم المتعاظم الذي يحظى به مشروع عضويتها الكاملة في الأمم المتحدة، ودعم الجهود والمبادرات الدولية الرامية إلى وقف إطلاق النار وصون أرواح الأبرياء العزل، متمنيا أن يوقن المجتمع الدولي بأن المنطقة لن تنعم بالاستقرار دون تحقيق الحل العادل والدائم والنهائي للقضية الفلسطينية.
من جهته، أكد ملك الأردن الملك عبدالله الثاني في كلمة له خلال افتتاح المؤتمر أمس أنه لا يمكن أن تخضع المساعدات الإنسانية في غزة للأجندات السياسية لأي طرف، مشيرا إلى أن أهل غزة لا يتطلعون إلينا من أجل الكلام المنمق والخطابات بل إنهم يريدون إجراءات فعلية على أرض الواقع.
وقال الملك عبدالله الثاني «إننا نقف اليوم عند منعطف حاسم في تاريخ البشرية وضميرنا المشترك يتعرض للاختبار الآن بسبب الكارثة في غزة وإنسانيتنا ذاتها على المحك».
وأكد أنه على مدى 8 أشهر ودون توقف ظل سكان غزة يواجهون الموت والدمار اللذين فاقت درجاتهما بكثير أي صراع آخر، مشيرا إلى أن شبح المجاعة يلوح في الأفق والصدمة النفسية حاضرة دائما وستبقى آثارها لأجيال قادمة.
وأوضح الملك عبدالله الثاني أن كل مكان في غزة عرضة للدمار والعملية العسكرية في رفح أدت إلى تفاقم الوضع المتردي وتم تهجير ما يقارب المليون من سكان غزة قسرا وانه حتى الذين نزحوا مرارا وتكرارا بحثا عن الأمان يتم استهدافهم فلا يوجد مكان آمن.
وأكد أن الاستجابة الإنسانية الدولية في غزة دون المطلوب بدرجة كبيرة وان إيصال المساعدات في قطاع غزة يواجه عقبات على جميع المستويات، مشيرا إلى أن فض الاشتباك بشكل مؤثر وشامل بين الجهات الفاعلة على الأرض أمر أساسي لضمان قدرة وكالات الإغاثة، لافتا إلى أن الممر البري هو الطريقة الأكثر فاعلية لتدفق المساعدات إلى غزة
بدوره، قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إن مسؤولية ما يعيشه الفلسطينيون في قطاع غزة من أزمة إنسانية غير مسبوقة تقع مباشرة على جانب الاحتلال الإسرائيلي وهي نتاج متعمد لحرب انتقامية تدميرية ضد القطاع.
وأضاف في كلمة ألقاها في الجلسة الرئيسة في افتتاح المؤتمر ان مصر حذرت مرارا من خطورة هذه الحرب وتبعاتها والتداعيات الجسيمة للعمليات العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح الفلسطينية التي أدى المضي قدما بها إلى إقامة وضع يعوق التدفقات الإغاثية التي كانت تدخل القطاع بشكل رئيس من معبر رفح.
ودعا إلى إلزام الاحتلال الإسرائيلي بإنهاء الحصار والتوقف عن استخدام سلاح التجويع في عقاب أبناء القطاع وإلزامه بإزالة جميع العراقيل أمام النفاذ الفوري والمستدام والكافي للمساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة من المعابر كافة.
وأكد ضرورة الايقاف الفوري والشامل والمستدام لإطلاق النار في قطاع غزة وإطلاق سراح جميع الأسرى فورا، مشددا على ضرورة توفير الدعم والتمويل اللازمين لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
وأكد السيسي أن الحلول العسكرية والأمنية لن تحمل إلى المنطقة إلا المزيد من الاضطراب والدماء «فالسبيل الوحيد لإحلال السلام والاستقرار والتعايش فيها يكمن في علاج جذور الصراع من خلال حل الدولتين».
ورحب الرئيس بقرار مجلس الأمن رقم 2735 الصادر أمس الاول وبالقرارات الأخرى ذات الصلة، مطالبا بتنفيذ القرارات بشكل كامل، مشددا على ضرورة الوقف الفوري والشامل والمستدام لإطلاق النار في قطاع غزة، وإطلاق سراح كل الرهائن والمحتجزين فورا، والاحترام الكامل لما فرضه القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني من ضرورة حماية المدنيين، وعدم استهداف البنى التحتية أو موظفي الأمم المتحدة أو العاملين في القطاعات الطبية والخدمية في القطاع.
كما دعا الرئيس السيسي إلى توفير الدعم والتمويل اللازمين لوكالة الأونروا حتى تتمكن من الاضطلاع بدورها الحيوي والمهم في مساعدة المدنيين الفلسطينيين، والعمل على تنفيذ قرارات مجلس الأمن المعنية بالشأن الإنساني، بما فيها القرار رقم 2720، وتسريع تدشين الآليات الأممية اللازمة، لتسهيل دخول وتوزيع المساعدات في القطاع.
بدوره، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى وقف إطلاق النار في غزة، معربا عن ترحيبه بمبادرة السلام التي طرحها الرئيس الأميركي جو بايدن.
وقال غوتيريش، في كلمته خلال افتتاح المؤتمر «لقد آن أوان وقف إطلاق النار والإفراج غير المشروط عن الرهائن.. يجب أن تتوقف هذه الفظاعات».
وأضاف «أرحب بمبادرة السلام التي عرض الرئيس بايدن مؤخرا خطوطها العريضة وأحث جميع الأطراف على اغتنام هذه الفرصة والتوصل إلى اتفاق». وقال غوتيريش ان «المجازر واعمال القتل المرتكبة في غزة لا تضاهي من حيث سرعة وتيرتها وحجمها أي أعمال ارتكبت خلال السنوات التي قضيتها كأمين عام».
ورأى غوتيريش أن «السبيل الوحيد للمضي قدما يكمن في إيجاد تسوية سياسية تمهد الطريق أمام السلام المستدام، على أساس حل الدولتين، فلسطين وإسرائيل، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، على أساس خطوط ما قبل عام 1967.. على ان تكون القدس عاصمة للدولتين».
وفي غضون ذلك، أعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن عن مساعدات أميركية جديدة بقيمة 404 ملايين دولار للفلسطينيين، وحث الدول الأخرى على تقديم الأموال لمعالجة الأزمة الإنسانية في غزة.
وقال بلينكن خلال المؤتمر، «البعض عبر عن قلقه البالغ إزاء معاناة الشعب الفلسطيني في غزة، بما في ذلك الدول التي لديها القدرة على تقديم الكثير، والتي لم تقدم سوى القليل جدا أو لا شيء على الإطلاق».