أكد رئيس حزب «القوات اللبنانية» د.سمير جعجع أن «محور الممانعة يزجّ بلبنان في حرب عبثية لا أفق لها».
وقال جعجع، في كلمة ألقاها بعد قداس سنوي إحياء لذكرة الشهداء في الحرب في مقر الحزب بمعراب في كسروان عصر أمس، «حرب (جبهة الإسناد التي أعلنها حزب الله) يرفضها اللبنانيون وفرضت عليهم فرضا، ولا تمت إلى قضاياهم ومصالحهم بصلة ولا تخدم إلا مشاريع ومخططات خارجية».
وتابع «هذه الحرب التي انخرط فيها حزب الله يجب أن تتوقف قبل أن تتحول إلى حرب كبيرة لا تبقي ولا تذر».
وأعلن أنه «إذا كان البعض يريد تعديل الدستور فلا مانع لدينا. فلننتخب رئيسا للجمهورية أولا، وتبعا للدستور، وبعدها نحن جاهزون، لا بل ندعو، لطاولة حوار وطنية فعلية في قصر بعبدا حيث نطرح كل شؤوننا وشجوننا الوطنية، ويتركز النقاش فيها على عنوان أوحد: أي لبنان نريد؟ ونتفق على أننا لن نخرج من هذا الحوار كما خرجنا من كل الحوارات السابقة، فيما البلد يواصل انهياره، ومؤسساته تتآكل، وشعبه يموت ويهاجر».
وأوضح جعجع «إذا كان البعض يعتقد أنه في نهاية الحرب التي نمر بها، ومهما كانت نتائجها، فإن المجموعة الدولية كما العربية ستفاوض محور الممانعة بخصوص مستقبل لبنان لأنه الفريق المدجج بالسلاح، فهو مخطئ، لأن أحدا لن يقبل أن يعود الوضع في لبنان إلى ما كان عليه قبل الحرب وأن تستمر الدولة في فقدان قرارها وتفككها. الجميع في اليوم التالي للحرب سيتفاوضون مع من يملك مفاتيح اليوم التالي، مفاتيح المستقبل، مع من يملك الرؤية والخطة والإصلاح، لا مع الذي لا رؤية له إلا الحرب، ولا إصلاح لديه إلا التجارات الممنوعة والاقتصاد الرديف».
ورأى أن «اليوم التالي في لبنان هو لنا، لأننا أولاد الغد، نحمل لغته ومفاهيمه وخططه وبرامجه منذ الآن، متحلين بكل ما يلزم من أخلاق واستقامة وشفافية ومعرفة بالشيء تمكننا من أن نصنع الغد. أما محور الممانعة وحلفاؤه، فرأينا ما كانت نتيجة تحكمه بزمام الأمور، وهو لا يصلح إطلاقا، لا هو ولا حلفاؤه، لليوم التالي. ولا يتوقعن أحد أن يكونوا هم عنوان المرحلة المقبلة».
وتوجه إلى «حزب الله» بالقول «سلاحك لا يحمي الطائفة الشيعية، كما أن أي سلاح لا يحمي طائفة معينة. وإن كان هناك من حماية فهي حتما في كنف الدولة الفعلية العادلة القادرة. فالضمانات من مسؤوليتها، وطمأنة بعضنا البعض من مسؤوليتنا جميعا (...) إن أول خطوة غاية في الإلحاح في الوقت الحاضر هي انتخاب رئيس للجمهورية».
واعتبر جعجع أن «انتخاب رئيس الجمهورية يجب ألا يكون موضع مساومة، بل يجب أن يبقى مستندا إلى قواعد دستورية واضحة لا لبس فيها ولا تخضع لأي اجتهاد. وعلى الرئيس نبيه بري أن يدعو وكما نص الدستور إلى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية حتى التوصل إلى انتخاب رئيس للجمهورية. وليفز من يفز ويلقى التهنئة والمباركة من الجميع بدلا من أن نظل في دوامة التعطيل والدعوات العقيمة إلى حوار، جرى ويجري كل يوم ومن دون أن يؤدي إلى أي نتيجة. على الرئيس بري أن يفكر ويتصرف من موقعه الدستوري المسؤول كرئيس لمجلس النواب، وليس من موقعه السياسي كطرف وحليف لحزب لديه حسابات أبعد من رئاسة الجمهورية وأبعد من لبنان حتى».
وتابع «لن نقبل وتحت أي ظرف من الظروف أن يفرض فريق لبناني موقفه ومرشحه على الآخرين، وأن يضع يده على رئاسة الجمهورية وأن يمعن في التعطيل والتزوير. الطريق إلى قصر بعبدا لا تمر في حارة حريك، والدخول إلى قصر بعبدا لا يكون من بوابة عين التينة ووفق شروطها وحوارها المفتعل. الطريق إلى قصر بعبدا تمر فقط في ساحة النجمة ومن خلال صندوق الاقتراع. إن مسألة رئاسة الجمهورية تعني جميع اللبنانيين والمسيحيين منهم بشكل خاص عملا بقواعد النظام. ولا يمكن لأي فريق مهما جبر وتجبر ورفع الصوت وتوعد أن يحتكر ويتحكم وينسف التوازنات والشراكة الوطنية ويبتدع سوابق ويستحدث أعرافا تصبح أقوى من الدستور وفروعا تصبح هي الأصل والأساس».
وتابع «يشترطون حوارا لانتخاب رئيس الجمهورية ويرفضون حوارا لإنقاذ الوطن من براثن الحرب وإخراجه من النفق المظلم. عندما يعجزون عن فرض مرشحهم والرئيس الذي يريدون، يطرحون الحوار للتحايل على الواقع وليحققوا عن طريقه ما لم يستطيعوا تحقيقه عن طريق القواعد والآليات الدستورية والديموقراطية. وعندما يريدون التفرد بقرار الحرب وسوق لبنان واللبنانيين إلى أتون حرب لا قدرة ولا طاقة لهم عليها، يرفضون الحوار ويتجاهلون الدعوات النيابية الملحة والمحقة لمناقشة الحكومة في مجلس النواب حول الحرب. هنا يحضرني قول سماحة الإمام المغيب السيد موسى الصدر: أنا لا أنكر وجود ظالم ومظلوم. ولكن لا نريد أن نحول المظلوم إلى ظالم، والظالم إلى مظلوم».
وتابع جعجع «نحن مع القضية الفلسطينية ليس على أساس ديني أو عرقي بل على أساس الحق والعدل. في الوقت الذي نحن فيه ضد السلاح الفلسطيني على أرض لبنان. وهذا ما أدركته القيادة الفلسطينية مشكورة ولو بعد حين، وهذا ما يجب أن تكون عليه العلاقة بين الشعبين اللبناني والفلسطيني (...) نحن نتضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة التي يجب أن تتضافر الجهود الدولية والعربية لإيجاد حل شامل لها على أساس القرارات الدولية والمبادرة العربية للسلام التي أقرت في قمة بيروت عام 2002، أي حل الدولتين».
وأشار إلى أن «هذه حرب لا يريدها اللبنانيون ولم يكن للحكومة رأي فيها وكلمة. هذه حرب لا تخدم لبنان، ولم تفد غزة ولم تخفف من معاناتها وأوجاعها قيد أنملة (...)».
وأكد أنه «على من تورط في هذه الحرب من حيث يدري أو لا يدري، وعلى من أخطأ في حساباته ان تكون له شجاعة الخروج من هذه الورطة القاتلة، ومن مشاريعه وارتباطاته الإقليمية».
وطالب جعجع الحكومة اللبنانية «التي هي صاحبة الدار والقرار، ان تدعو حزب الله إلى وقف هذه الحرب العبثية التي لا مبرر ولا أفق لها. أن يفعلها الحزب متأخرا خير من ألا يفعلها أبدا، لأن ما خسرناه على فداحته قليل مقارنة بما قد نخسره لاحقا».
واعتبر أنه «إذا كان الحزب أخطأ في حساباته وفي دخوله الحرب، فالرجوع عن الخطأ فضيلة. ولكن الأهم ألا يخطئ في حساباته لما بعد الحرب أيا تكن نهايتها ونتائجها، للارتداد إلى الداخل ومحاولة فرض معادلات معينة وتحصيل مكاسب والتعويض عن خسائره او لترجمة ما يدعيه ويتوهمه انتصارا».
وشدد على أن «رهاننا أن نبقى موجودين كلنا، بشراكة حقيقية كاملة، بتركيبة للدولة تحقق هذه الشراكة، وبعيدا عن استئثار أي مكون لبناني بالسلطة لوحده، من خلال تشكيله قوة مسلحة خارج الدولة مهما كانت الحجج والمبررات».
ولفت إلى أن «سلاح حزب الله يمس جوهر التعايش اللبناني، وجوهر مفهوم الدولة وليس هناك أي منطق يقبل بمعادلة قيام دولة إلى جانب الدولة، ولا يمكن التعايش بينهما. فلنترك للدولة حصرية السلاح حسب القوانين والدستور ولا نعبث بمستقبل وطننا خدمة لمشاريع إقليمية لا طائل منها».