(المنتقم الجبار)
(وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا حتى حين) ثمود الذين جابوا الصخر بالواد ايضا حضارة عظيمة، تكبروا وخرجوا عن طاعة الله وطغوا طغيانا كبيرا.
(فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون) أخذتهم صاعقة العذاب وهم ينظرون إلى عذابهم بأعينهم، أمر عظيم، قدرة الله عز وجل عظيمة، لذلك لابد للمؤمن في هذه الحياة ان يكون بين جناحي الرجاء والخوف لا يغلّب جناحا على جناح، يمضي في هذه الدنيا سائرا بتوازن بين الرجاء في رحمة الله والخوف من عذاب الله.
(فما استطاعوا من قيام وما كانوا منتصرين) لم يستطيعوا أن ينتصروا لأنفسهم ولا استطاعوا ان يقوموا من العذاب الذي هم فيه. (وقوم نوح من قبل إنهم كانوا قوما فاسقين) وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء إنهم كانوا قوما مخالفين لأمر الله خارجين عن طاعته فاستحقوا عقابه.
(وقوم نوح من قبل) وقبل هؤلاء كلهم نوح الذي أغرق الله عز وجل بدعوته كل كافر في الأرض فأباد أغلب البشرية بدعوة نوح عليه السلام.
(إني مغلوب فانتصر) يذكرنا الله عز وجل بآياته الكونية، كما ذكرنا في هذه السورة الكريمة بداية الوحي. وفي الختام يذكرنا بالآيات التي فيها شواهد البشرية ، شواهد في تاريخ البشرية حتى نتعظ بها فالسعيد من؟ السعيد من اتعظ بغيره.
قدرة الله عز وجل
قال عز وجل لافتاً إلى هذا الخلق العظيم (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون) والسماء خلقناها وأتقناها، وجعلناها سقفا للأرض بقوة وقدرة عظيمة وإنا لموسعون لأرجائها وأنحائها. يعني الله تعالى بنى هذه السماء وجعلها سفقا عظيما وجعل السعة في أرجائها وحجمها واليوم بعد 1400 سنة يكتشف العلم الحديث أن الكواكب في السماء تتباعد وأن السماء تتوسع خلق عظيم (والأرض فرشناها) امتدح عز وجل نفسه وقال (فنعم الماهدون) الذي مهدها لكم من؟ لو شاء الله عز وجل لكانت كلها حجارة كالزجاج لا نستطيع ان نمشي فيها ولكن من فضله أن جعل الأرض فراشا والسماء بناء.
(ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم تتذكرون) يرشدنا عز وجل مرة أخرى إلى التفكر في الازواج التي خلقها الله عز وجل في هذا السالب والموجب في هذا الأنثى والذكر، في هذه السنة الكونية التي اودعها عز وجل في خلقه من نبات الى حيوان الى انسان نتفكر في هذا فإنه ايضا مدعاة الى تعظيم الله وتوحيده.
من خاف الله يفر إليه
(ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين) ففروا أيها الناس من عقاب الله إلى رحمته بالإيمان به وبرسوله واتباع امره وطاعته، اني لكم نذير واضح الانذار، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا حزبه امر فزع الى الصلاة وهذا فرار الى الله.. يا أيها الناس فروا من عقاب الله إلى رحمته، فروا من غضبه الى رضوانه، دعوا الكفر وآمنوا بالله واتقوا الله ما استطعتم كل جبار تفرون منه الا جبار السموات والارض تفرون اليه وقد امتدح الله عز وجل العبد المنيب الأواب وامتدح ابراهيم عليه السلام خليله بصفاته فقال الله (منيب) يعني رجع الى الله قبل ان يأتي الليل وقبل ان يشرق فجره فالله يمد يديه في النهار ليتوب مسيء الليل، ويمد يديه في الليل ليتوب مسيء النهار، ما أعظمه من إله سبحانه!
(ألقيت هذه المحاضرة في مسجد فاطمة الجسار بمنطقة الشهداء)