بيروت – بولين فاضل
رحال «الرحالة» أمين الريحاني(1876-1940) حط أخيرا في المكتبة الوطنية في منطقة الصنائع في بيروت، وهي خطوة متأخرة على ما قال وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال محمد وسام المرتضى، لكنها «خير من ألا تأتي أبدا».
في مكتبة الصنائع بات للريحاني جناح خاص، وهو الذي قادته «أجنحته الفكرية» ذات زمن مشرق إلى مختلف البلاد العربية (في العام 1922) كرحالة نهم بالفكر والفلسفة والأدب والتاريخ والفن، فقابل بداية شريف مكة الحسين بن علي، فسلطان قبائل حاشد والإمام يحيى إمام اليمن، والملك عبدالعزيز آل سعود وأمير الكويت أحمد الجابر آل صباح اللذين قدما اليه سيفيهما الخاصين، وشيخ البحرين حمد بن عيسى، وفيصل الأول ملك العراق، وكانت الثمرة كتب كثيرة من توقيعه منها كتاب «ملوك العرب» في العام 1924.
وزير الثقافة اللبناني محمد المرتضى وفي افتتاح جناح أمين الريحاني في المكتبة الوطنية قال إن «الريحاني محرك للوحدة العربية عبر مخزون القيم التي كان يعبر عنها بقلمه ومواقفه وعبر مؤلفاته التي رفدت العروبة بقوت حضاري وثقافي، وحري بنا اليوم ان نتغذى منه ونغذي أجيال لبنان من أصالته وعراقته». وأكد المرتضى أن «الريحاني شخصية استثنائية يشهد على فرادتها فلاسفة وأدباء وعظماء اعترفوا بما كانت تختزنه مكنونات شخصيته من قيم ولاسيما ما يمت للوحدة العربية بصلة ومناصرة قضايا العرب والتكاتف في مواجهة التحديات في عالمنا العربي».
وخطوة المكتبة كان سبقها من قبل بكثير قيام شقيق الريحاني البرت الريحاني بتأسيس «متحف أمين الريحاني» في مسقط رأسه في بلدة الفريكة في المتن الشمالي في العام 1953، والذي حوى مقتنيات للفيلسوف الراحل تشكل إرثا ثقافيا وطنيا شديد الغنى، ومن ضمنها وثائق وصور ورسائل وأغراض شخصية تعود للمبدع الراحل.
وقد أثمرت جولة للوزير مرتضى مقتنيات المتحف إصداره قرارا أدرج بموجبه متحف الريحاني على لائحة المتاحف الوطنية بالنظر إلى ما «تختزنه شخصية أمين الريحاني ومسيرته الرائدة من قيم ثقافية ووطنية وعروبية أصيلة (..) ولكون هذه المقتنيات تروي حكاية حقبة أساسية من تاريخ الثقافة في لبنان والمشرق العربي والمهجر، وخصوصا خلال عصر النهضة». بعد 13 سنة على غياب أمين الريحاني إثر سقوطه عن دراجته الهوائية في 13 سبتمبر من العام 1940 في بلدته، كان له متحفه في بلدة الفريكة. وبعد 72 سنة من نشأة المتحف، تكرس متحفا وطنيا، وصار للريحاني مكانه في المكتبة الوطنية، والأكيد أن الأمكنة والأوسمة هي أضيق من فيلسوف انتمى إلى كل مكان وزمان..