أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أمس أنها لن تتعاطى مع أي مفاوضات جديدة بشأن اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى في قطاع غزة ما لم تنفذ إسرائيل بنود المرحلة الأولى، في حين قال مصدر إسرائيلي إن بلاده أبلغت الوسطاء استعدادها للإفراج عن دفعة الأسرى الفلسطينيين المجمدة منذ السبت الماضي.
وقال متحدث باسم حماس، عبداللطيف القانوع، إن «عدم تنفيذ البرتوكول الإنساني وتأجيل الإفراج عن أسرى الدفعة السابعة دليل على نوايا الاحتلال بتعطيل الاتفاق وعدم جديته في استمراره».
وفي بيان للحركة، جدد القانوع تأكيد «حماس» على أن عدم تنفيذ الاحتلال كامل بنود المرحلة الأولى لا يخدم المضي قدما نحو استكمال الإفراج عن باقي الأسرى الإسرائيليين. وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «يعرقل تنفيذ كامل بنود الاتفاق حيث يعمل لأجنداته الشخصية ولا يكترث بحياة باقي الأسرى (الإسرائيليين في غزة)».
وأكد استمرار الاتصالات مع الوسطاء «حول خروقات الاحتلال المتكررة ومماطلته في التنفيذ»، لافتا إلى أن الحركة تنتظر ردهم إزاء ذلك، كما أشار إلى أن الرعاية الدولية للاتفاق تلزم الاحتلال باحترامه وتنفيذ مراحله من دون مراوغة كما التزمت المقاومة.
ودعا القانوع الوسطاء والمجتمع الدولي لـ«الضغط أكثر على الاحتلال لإنقاذ اتفاق وقف إطلاق النار وتثبيته ومنع نتنياهو من تعطيل بنوده».
واتهم بدوره، عضو المكتب السياسي لـ«حماس» عزت الرشق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ«تعمد عرقلة الاتفاق» وانتهاك بنوده، قائلا إن هذه الخطوة تؤكد «عدم موثوقية إسرائيل في الوفاء بالتزاماتها». ودعا الوسطاء والمجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للإفراج عن السجناء دون تأخير.
وفي الجهة المقابلة، نقل موقع يديعوت أحرونوت عن مصدر إسرائيلي أن تأخير الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين مرده «مراسيم الإذلال والمساس بالكرامة الوطنية»، وفق تعبيره، مضيفا أن الرد على «قتل عائلة الأسيرة شيري بيباس سيكون عظيما، لكن التركيز ينصب الآن على إعادة جثامين الرهائن».
وتابع المصدر أنه بالإمكان إنهاء الحرب «إذا ما تمت تلبية مطالب إسرائيل بنزع سلاح حماس وجعل قطاع غزة منطقة منزوعة السلاح وإبعاد قادة حماس والجهاد الإسلامي إلى الخارج وإلا فإن إسرائيل ستحقق أهداف الحرب بالعودة إلى القتال الشرس».
وأفادت الصحيفة، نقلا عن مصدر، بأن إسرائيل مستعدة للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين الذين تأخر إطلاق سراحهم، وذلك مقابل استعادة جثامين 4 إسرائيليين، شريطة عدم إقامة مراسم «مهينة» كما حدث في المرة السابقة، وفق الصحيفة.
ونقلت هيئة البث الإسرائيلية عن وزراء في الكابينت قولهم إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يرغب في توسيع المرحلة الأولى وعدم التوجه إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وذلك بعد اتخاذه قرار إرجاء الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، بسبب ما وصفها بالانتهاكات المتكررة من جانب حركة «حماس».
وفي وقت سابق، أعلن وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين 4 شروط لبدء ثاني مراحل اتفاق وقف إطلاق النار، وأعرب عن تأييده لضم الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل، في حين ذكرت القناة 12 أن استئناف القتال بات أكثر احتمالا من أي وقت مضى.
وقال كوهين الذي يشغل منصب عضو المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، لهيئة البث الإسرائيلية، إن هذه الشروط هي: الإفراج عن جميع المخطوفين (الأسرى الإسرائيليين)، وإبعاد حماس من قطاع غزة، ونزع سلاح القطاع، وسيطرة إسرائيل عليه أمنيا.
إلى ذلك، قال الجيش الإسرائيلي إن إسرائيل عززت الاستعداد العسكري بالقرب من غزة، وذلك بعد أن اتهمتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بمحاولة التهرب من التزاماتها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن القرار اتخذ «بعد تقييم الوضع»، مضيفا أن القوات تعزز «الاستعداد العسكري والاستعداد العملياتي» في المنطقة الحدودية مع غزة.
وفي الاثناء، واصل الجيش الإسرائيلي عمليته العسكرية في مخيم جنين للاجئين بالضفة الغربية، حيث هدم عشرات المنازل وسط اشتباكات مع مسلحين، بحسب مصادر فلسطينية.
وذكرت بلدية جنين في بيان أمس أن «الجيش الإسرائيلي هدم نحو 120 منزلا بشكل كامل، إضافة إلى تدمير عشرات المنازل الأخرى جزئيا، مما يزيد من تفاقم الأوضاع الإنسانية في المخيم».
وفي تطور لافت، دخلت دبابات إسرائيلية إلى مدينة جنين للمرة الأولى منذ أكثر من 20 عاما، وشوهدت آليات مدرعة ثقيلة تتوغل في أحياء المدينة والمخيم، وسط اشتباكات عنيفة تخللها إطلاق نار وانفجارات، وفق ما أفاد شهود عيان.
وقال هؤلاء إن القوات الإسرائيلية استخدمت الجرافات العسكرية لتدمير البنية التحتية، ما أدى إلى أضرار واسعة في شبكات الكهرباء والمياه.
وبالتزامن مع ذلك، كثفت القوات الإسرائيلية عملياتها العسكرية في عدة مناطق بالضفة الغربية، من بينها نابلس وطولكرم والخليل، حيث نفذت عمليات دهم واعتقالات طالت العشرات من الفلسطينيين، بينهم نشطاء في فصائل مسلحة.
وفي سياق متصل، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمس، عن قلقه العميق إزاء تصاعد العنف في الضفة الغربية داعيا إلى احترام القانون الدولي وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وضمان قيام دولة فلسطينية مستقلة تكون غزة جزءا لا يتجزأ منها.
وقال غوتيريش في كلمته الافتتاحية للدورة الـ58 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المنعقدة في (جنيف) إن الصراعات الدائرة في العالم ومن بينها الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة تمثل «مصادر قلق خطيرة» إذ تتفاقم انتهاكات حقوق الإنسان ويتزايد عدد الضحايا المدنيين.
وأكد أن «حقوق الإنسان هي الأوكسجين الذي تتنفسه الإنسانية لكنها تتعرض لخنق متزايد» مشيرا إلى أن «الأنظمة القمعية والصراعات المسلحة والأزمات الاقتصادية والتغير المناخي والتطور التكنولوجي غير المنضبط كلها عوامل تساهم في تآكل الحقوق الأساسية للأفراد والمجتمعات».
وحذر غوتيريش من أن العالم يواجه «تحديات غير مسبوقة» تهدد حقوق الإنسان، داعيا إلى تعزيز الجهود الدولية لحمايتها.