بيروت - داود رمال
يشهد لبنان تصعيدا إسرائيليا خطيرا تزامن مع زيارة نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس.
وقال مرجع سياسي بارز لـ «الأنباء»: «هذا التزامن لا يبدو بريئا، إذ إن إسرائيل دأبت على استغلال اللحظات الحرجة في الداخل اللبناني للتصعيد العسكري أو الأمني، بهدف تأجيج الانقسامات الداخلية وتعقيد أي مسار يهدف إلى إعادة الاستقرار، فكلما برز خلاف لبناني - لبناني حول ملف معين أو استحقاق مصيري، سارعت إسرائيل إلى الدخول على الخط، سواء عبر تصعيد عسكري مباشر أو عبر إثارة مناخ من التوتر السياسي والأمني، مستغلة بذلك هشاشة الوضع الداخلي اللبناني وغياب التوافق الوطني».
ونبه المرجع الى أن «هذه الإستراتيجية ليست جديدة، بل تمتد لعقود، حيث لعبت إسرائيل على وتر الانقسامات اللبنانية لتكريس حالة اللا استقرار. ففي كل مرة يجد اللبنانيون أنفسهم أمام استحقاق دستوري أو أزمة سياسية معقدة، يكون هناك حدث أمني أو تصعيد عسكري إسرائيلي يهدف إلى فرض وقائع جديدة على الأرض، وإشغال الداخل اللبناني عن معالجة أزماته الداخلية بواقعية ومسؤولية. واليوم، في ظل غياب حكومة فاعلة، واستمرار التجاذبات حول قضايا أساسية تتصل بالحصص الوزارية وكيفية إدارة الدولة، تتحرك إسرائيل مجددا، محاولة فرض إيقاعها الخاص على الساحة اللبنانية».
وأكد المرجع أنه «لا يمكن فصل هذا التصعيد عن التطورات الحاصلة على الحدود اللبنانية - السورية، حيث يشهد الوضع هناك مواجهات خطيرة تهدد بفتح جبهة جديدة من التوترات التي قد تمتد تداعياتها إلى الداخل اللبناني. وتعمل إسرائيل على تكريس معادلة جديدة في المنطقة، مستغلة الفراغ السياسي في لبنان، وعدم وجود رؤية موحدة لكيفية التعامل مع المخاطر الأمنية المحيطة. إن استمرار هذا النهج الإسرائيلي التصعيدي، في ظل الانقسام الداخلي اللبناني، قد يؤدي إلى تداعيات كارثية، ليس فقط على مستوى الأمن والاستقرار، بل أيضا على مستوى قدرة لبنان على مواجهة أزماته الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تتفاقم يوما بعد يوم».
وأوضح: «من هنا يصبح الإسراع في تشكيل حكومة جديدة أمرا بالغ الأهمية، لا بوصفه مجرد استحقاق داخلي، بل كضرورة وطنية تفرضها التحديات القائمة. المطلوب اليوم حكومة تترجم روحية الوفاق الوطني الشامل، قادرة على إدارة الملفات الخطيرة والمصيرية بحكمة ومسؤولية، وتحظى بدعم داخلي واسع يمكنها من التعامل مع الضغوط الخارجية والأخطار المحدقة. فلبنان لم يعد يحتمل المزيد من الفراغ والتجاذبات السياسية التي يستغلها خصومه لصالح أجنداتهم الخاصة. وإذا لم يسارع المعنيون إلى تحمل مسؤولياتهم، فقد يجد لبنان نفسه أمام واقع أشد تعقيدا، حيث تتكامل الضغوط الإسرائيلية مع حالة الشلل الداخلي، ما يجعله أكثر عرضة للاستهداف والتدخلات الخارجية».