بيروت - ناجي شربل وأحمد عزالدين
تحلّ اليوم الذكرى الـ 20 لاغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه في انفجار ضخم أصاب موكبه مباشرة، في الرابع عشر من فبراير 2005 قرب فندق السان جورج في بيروت.
اغتيال ترك تداعيات على لبنان وامتد لاحقا إلى المنطقة، ذلك انه طاول رجلا مسالما آمن بالعلم والتنمية واعتماد الديبلوماسية لانتزاع حقوق لبلاده، ووقف في مناسبات عدة ضد تدخلات خارجية وتحديدا من قبل النظام السوري السابق في الشأن الداخلي اللبناني، وأوجد في الوقت عينه معادلة «تعايش» مع «حزب الله» بترك إدارة الشأنين الداخلي والخارجي والشق الاقتصادي للدولة اللبنانية، مع تكريس حق المقاومة للاحتلال الإسرائيلي، خصوصا بعد حرب «عناقيد الغضب» الإسرائيلية في أبريل 1996.
وقتذاك كانت إسرائيل تحتل قسما واسعا من الجنوب والبقاع الغربي. ونجحت ديبلوماسية الرئيس رفيق الحريري في التوصل إلى «تفاهم أبريل»، الذي كرس حق لبنان في مقاومة الاحتلال باعتراف دولي. واحتكر «حزب الله» هذا الحق في المقاومة، كونه الوحيد الذي امتلك السلاح الثقيل بدعم إيراني معلن، وآخر من «دول المحور» سابقا.
اليوم يعود مناصرو «تيار المستقبل» الذي أسسه الرئيس الشهيد ويترأسه نجله الرئيس سعد الحريري إلى ساحة الشهداء في وسط بيروت لإحياء الذكرى السنوية العشرين. وهي استحقت عن جدارة في 2005 تسميتها «انتفاضة الاستقلال الثانية» (في الرابع عشر من مارس 2005)، التي أسفرت لاحقا في 26 أبريل 2005 عن خروج الجيش السوري من لبنان بعد 29 عاما من الوجود العسكري بقبضة حديدية. العودة اليوم تحمل رسائل عدة، في طليعتها توقع إعلان الرئيس سعد الحريري وقف تعليق العمل السياسي من قبل تياره، والمشاركة تباعا في الانتخابات البلدية والاختيارية في الشهرين المقبلين، ثم الانتخابات النيابية في 2026، من دون ان تشمل هذه المشاركة شخصه تحديدا. إلا ان العبرة الأهم والتي لا ينتظر اللبنانيون مشهد الحضور الشعبي الواسع في الساحة اليوم لتأكيدها، ان «التيار الأزرق» بشخص رئيسه سعد الحريري، هو الأقوى تمثيلا في بيئته، وعلى الصعيد الوطني على كامل مساحة البلاد.
وعشية الذكرى، اكتملت التحضيرات في ساحة الشهداء، وتلك اللوجستية الخاصة بنقل المواطنين من المناطق اللبنانية كافة.
فيما استقبل الرئيس سعد الحريري في دارته «بيت الوسط» في وادي أبو جميل ببيروت، شخصيات ديبلوماسية وفعاليات سياسية، بينها السفير الروسي الكسندر روداكوف. وتوازيا مع الذكرى السنوية الوطنية الوجدانية لـ 14 فبراير، تواجه حكومة الرئيس نواف سلام ومعها لبنان أياما صعبة قبل نيلها الثقة وحلول موعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، في ظل نيات إسرائيلية مبيتة لإحباط انطلاقة الحكومة.
وللغاية واصل رئيس الجمهورية العماد جوزف عون اتصالاته مع دول معنية، للضغط لإتمام الانسحاب الإسرائيلي في موعده المحدد. وبدا لبنان منفتحا على ترتيبات حدودية لا تتضمن الانتقاص من سيادته، وترفض أي دور إسرائيلي فيها.
ومن بعبدا موقف للمدير العام للمعهد العربي للتخطيط في الكويت د.عبدالله فهد الشامي، إذ أبدى استعداده بعد لقائه رئيس الجمهورية العماد جوزف عون «لتقديم المعهد أي دعم أو مساعدة في إطار ورشة الإصلاح». ورافق الشامي في زيارته إلى بعبدا رئيس الجهاز الإداري كريم عادل درويش، ورئيسة «معهد باسل فليحان المالي والاقتصادي» لمياء المبيض البساط. ونقل نقيب الصحافة عوني الكعكي عن الرئيس عون بعد استقباله وفدا من مجلس النقابة في قصر بعبدا، تأكيده ومتابعته الاتصالات لإلزام إسرائيل بالانسحاب من الجنوب. وقال الكعكي ان رئيس الجمهورية أشار إلى تواصله «مع الدول المؤثرة، ولاسيما الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، من أجل التوصل إلى الحل المناسب».
وذكر ان الرئيس عون تناول مسألة الحرية، مشددا على إيمانه المطلق بها، ولافتا إلى أنها مسؤولية. وأكد «أن دور الإعلام يمكن أن يكون إما عامل بناء أو هدم»، مضيفا: «عليكم أن تقرروا، لكنني أريدكم أن تساهموا معنا في مسيرة النهوض والإنقاذ.. انتقدونا إذا اخطأنا، وليكن نقدكم بناء من دون تجن، فالانتقاد البناء يصحح الأداء. وهدفنا واحد مع رئيس الحكومة والوزراء الجدد وهو مصلحة لبنان». وأضاف: «أنا بدي أترك بعد 6 سنين وضميري مرتاح».
في الجنوب، شهدت البلدات الحدودية عمليات حرق منازل وتجريف وتفجير واسع من قبل الجيش الإسرائيلي، ترددت صداها في غالبية بلدات الجنوب، في إطار تحويل المناطق المتاخمة للحدود من قبل الجيش الإسرائيلي إلى أرض غير صالحة للسكن لسنوات، بما يحقق شريطا عازلا بطريقة غير مباشرة.