روي أنه في ليلة شديدة البرودة عاصف ريحها تقلع الخيام اقتلاعا، وبينما الصحابة جالسون معه صلى الله عليه وسلم فقال النبي: من يذهب فيأتيني بخبر القوم؟
في هذا الليل وذاك البرد
من يفعلها؟!
يعبر الخندق ويخترق جيش الكفار ليأتي بالخبر اليقين.
إنه لأمر صعب شديد الوعورة، لم يرد أحد من أصحاب النبي وكان بينهم كبار الصحابة!.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من يذهب فيأتيني بخبر القوم وأضمن له العودة فما تكلم أحد.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم ثالثاً: من يذهب فيأتيني بخبر القوم وأضمن له العود وهو رفيقي في الجنة؟ فما قام أحد.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قم يا حذيفة، يقول: فلم أجد منها بدا، فقام حذيفة.
فاختار النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة بعد أن قال سابقا (فأضمن له العودة وهو رفيقي في الجنة) فقد أعطاها النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان .
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ولكن لا تحدث فيهم أمرا.
أي لا تغير فيهم أي شيء ودعهم كما هم، يقول حذيفة: «فخرجت وأنا أرتعد من البرد فما أن قمت وتركت المكان حتى كأني أمشي في حمام» أي مكانا دافئا شديد الدفء.
فعبرت الخندق ووصلت إلى جيش الكفار ودخلت إلى الجيش فرأيت أبا سفيان يقف على طرف اليهود فقلت: أبو سفيان؟ فأخذت سهما من كنانتي وشددت السهم أريد أن أقتله فتذكرت قولة النبي: «ولا تحدث فيهم أمرا» فرددت السهم مرة أخرى، والظلام شديد، فوجدت العسكر يتهامسون في برد شديد، والقدور تنقلب من شدة البرد وسمعت أبا سفيان ينادي على القادة: أريد أن أحدثكم حديثا عظيما ولكن إن عيون محمد تنتشر بيننا وأخشى أن يسمعوا منا هذا الكلام.. فليتأكد كل رجل منكم من الذي بجواره.
يقول حذيفة: فأخذت بيد الذي بجواري وقلت له: من الرجل؟
فقال: عمرو بن العاص ثم أخذت بيد الذي بجواري وقلت: من الرجل؟
فقال: عكرمة بن أبي جهل فقلت: عظيم وكان هذا من سرعة بديهته أن يسألهما قبل أن يسألاه.
فقال أبو سفيان: «أرى أننا ليس لنا مقام، وأرى أن البرد شديد والرياح شديدة، فإني مرتحل فارتحلوا»
يقول: «فعدت مسرعا إلى صلى الله عليه وسلم، فما إن دخلت إلى المسجد فعاد البرد الشديد (فقد انتهت المهمة) فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فإذا هو قائم يصلي، فجلست بجواره وأنا أرتعد من البرد فأحس بي النبي فبينما هو يصلي فتح النبي صلى الله عليه وسلم عباءته و«أدخلني معه في عباءته» فلما انتهى من صلاته أخبرته الخبر فدعا لي.