- الخراز: الحب الحقيقي للوطن بالمحافظة عليه وعلى مقدراته ومكتسباته والدفاع عنه
- الشطي: التصدي للأفكار الهدامة والشائعات التي تضر بالوطن ووحدته ضرورة
- العليمي: الوطنية هي وجوب تقديم مصلحة الوطن على المصالح الشخصية
- العصيمي: حب الأوطان يحسنه الكثيرون لكن التطبيق العملي يصدق ذلك أو يكذبه
حب الأوطان شعور فطري لا يعادله شيء، الوطن الذي قدم لأبنائه الكثير من السكينة والطمأنينة والحب الحقيقي والانتماء له فخر واعتزاز. فعن حب الوطن والتعبير عن هذا الحب، يحدثنا الدعاة:
حب الوطن
في البداية، يوضح د.خالد الخراز الحب الحقيقي للوطن، فيقول: الوطن محبوب بالفطرة، والعاقل يألف وطنه ويحنّ اليه إن بعد عنه، والكريم لا يجفو أرضا عرفها صغيرا، أو عاش في ربوعها كبيرا، وكذلك هي أحب من غيرها إليه، لأنها كما قال الشاعر:
بلادي هواها في لساني وفي دمي
يرددها قلبي ويدعو لها فمي
ولا خير فيمن لا يحب بلاده
ولا في حليف الحب إن لم يتيم
وقد حرص الأولون على أوطانهم، ونحن مثلهم نقول:
ولي وطن آليت ألا أبيعه بشيء
ولا ألقى له الدهر مالكا
اعلم أيها الودود أن حب الوطن لا يتنافى مع الشريعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة «ما أطيبك من بلد، وأحبك إليّ، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك» (رواه الترمذي 3926).
نعم، فضل الله سبحانه بعض البقاع على بعض، وبعض الأزمنة على بعض، وهذا أمر يتعلق بالعقيدة والإيمان، وهذا أمر متفق عليه، ولا يعني هذا أن من أحب وطنه يستهان به، لأن ذلك خلل في فهم الفطرة وانحراف عن الجادة لا يرضاه العقلاء، ويعد انكارا لنعمة ظاهرة تؤدي الى الكراهية بين أهل الوطن الواحد، والنزاع يؤدي الى التفرق والضياع.
وحب الوطن شيء والتعبير عن حبه شيء آخر، فحب الوطن هذا متفق عليه، ولكن المختلف فيه التفلت بما يضر به وفي حقوق الآخرين ومخالفة الدين والاعراف، فالحب الحقيقي للوطن بالمحافظة عليه وعلى مقدراته ومكتسباته، الحب الحقيقي للوطن الدفاع عنه، فالوطن ملك اهله، وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، قال: جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال: لا تعطه مالك، قال: أرأيت إن قاتلني؟ قال: قاتله، قال: أرأيت إن قتلني؟ قال: فأنت شهيد، قال: أرأيت ان قتلته؟ قال: هو في النار.
الحب الحقيقي للوطن شكر ما أنعم الله عليك فيه من معرفة دينك ومتابعة رسولك صلى الله عليه وسلم، وتشكر ربك على أمنك وصحتك ورزقك فيه، وبالشكر تدوم النعم، وبذلك تدوم عزته ويعز الله ساكنيه، حب الوطن ان تتعلم وتعلم، وان ترقى بوطنك الى المعالي، وتبني فيه بما يستحق، حب الوطن ان تتعلم وتعلم، وان ترقى بوطنك الى المعالي، وتبني فيه بما يستحق، حب الوطن ان يقوم كل فرد فيه بما أوجب الله عليه بإخلاص وإتقان، فالأصل فيمن سكنوا فيه أن يتآلفوا ويتراحموا، ويتناصحوا ويتواصوا بالحق، ويتواصوا بالصبر.
واجبات المواطن
من جانبه، حدد د.بسام الشطي أساسيات وواجبات المواطن تجاه وطنه، فقال: واجب المواطن تجاه وطنه يشمل عدة جوانب أساسية، منها:
٭ الولاء والانتماء، يجب أن يكون المواطن مخلصا لوطنه، فخورا به، ومدافعا عنه في كل المحافل.
٭ احترام القوانين، فالالتزام بالقوانين والانظمة يعزز الأمن والاستقرار داخل المجتمع.
٭ المساهمة في تنمية الوطن، سواء من خلال العمل الجاد او الابداع او التطوع، فكل جهد يسهم في تقدم الوطن.
٭ الحفاظ على الممتلكات العامة، فاحترام المرافق العامة وعدم الاضرار بها يعكس وعي المواطن بمسؤوليته تجاه وطنه.
٭ الوحدة والتلاحم، بنشر روح المحبة والتعاون بين افراد المجتمع وتعزيز الوحدة الوطنية.
٭ الدفاع عن الوطن، سواء بالانضمام للخدمة العسكرية اذا لزم الأمر او بالدفاع عنه في الأزمات والمحن.
٭ المشاركة الايجابية، المساهمة في الحياة السياسية والاجتماعية مثل التصويت في الانتخابات او دعم المبادرات الوطنية.
٭ تعزيز الهوية الوطنية، بالمحافظة على تراث الوطن وثقافته ونقله للأجيال القادمة.
٭ نشر القيم والأخلاق الحميدة، كالأمانة والإخلاص والتسامح والمساعدة في بناء مجتمع متماسك.
٭ دعم الاقتصاد الوطني، عبر تشجيع المنتجات المحلية والاستثمار في الوطن بدلا من الخارج.
٭ المساهمة في حماية البيئة، من خلال الحفاظ على الموارد الطبيعية والتقليل من التلوث وتشجيع الاستدامة.
٭ التمثيل المشرف للوطن، في الداخل والخارج، عبر السلوك الحسن وتحقيق الانجازات في مختلف المجالات.
٭ التطوع والعمل الخيري، لدعم الفئات المحتاجة وتعزيز التكافل الاجتماعي.
٭ نقل صورة ايجابية عن الوطن، عبر الاعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي، والتفاعل الايجابي مع القضايا الوطنية.
٭ تربية الأجيال القادمة على حب الوطن، من خلال غرس القيم الوطنية في الأبناء وتعليمهم أهمية خدمة بلدهم.
٭ التصدي للأفكار الهدامة، مثل التطرف والشائعات التي تضر بالوطن ووحدته.
كل هذه العناصر تساعد في بناء وطن قوي ومتقدم يفتخر به أبناؤه.
تصحيح مفهوم الوطنية
عن مفهوم الوطنية عند د.راشد العليمي، يبين أن الوطنية هي أن آتي إلى عملي في الوقت المحدد وأخرج في الوقت المحدد لي، وأن أعمل بإخلاص ولا أستغل وظيفتي لأغراض خاصة، وأن اكون على قدر المسؤولية إن توليت وظيفة كبيرة، وأن أنظر لهذه المسؤولية على أنها تكليف لا تشريف، وإن لم أستطع أداء حقها لي أن اتنحى لأترك غيري ممن هو اكثر كفاءة ليعطي المسؤولية حقها.
واضاف: الوطنية هي مناصحة ولي الأمر والمسؤولين بالأسلوب المناسب وعدم خيانة ثقتهم بتصوير الواقع على غير حاله، وهي تعني تربية أبناء الوطن على تقدير ورعاية خيرات الوطن وعطائه والمحافظة على مرافقه ومكتسباته التي من حق الجميع ان ينعم بها، وان يتمتع بحظه منها كاملا غير منقوص، وهي الالتزام بالقانون والمحافظة عليه، والوطنية تعني ان ألقي المهملات في المكان المناسب ولا ألقيها من نافذة السيارة، وهي ان أقدم مصلحة الوطن على مصالحي الشخصية، والتصدي لكل أمر يترتب عليه الاخلال بأمن وسلامة الوطن، والعمل على رد ذلك بمختلف الوسائل والامكانات الممكنة المتاحة، والوطنية الدفاع عن الوطن عند الحاجة الى ذلك بالقول او العمل وغيرها من الصور الدالة على صدق الانتماء ووضوح الولاء.
الدفاع عنه
من جهته، يوضح د.محمد ضاوي العصيمي كيف يكون حب الأوطان، فيقول: من الأمور التي فطر الله عز وجل الناس عليها وأصبحت غريزة فيهم محبتهم لأوطانهم، فمحبة المرء للبلد الذي نشأ فيه وترعرع فيه واستقرت ذكرياته فيه أمر غريزي طبيعي فطري، فحنين المرء الى بلده يعلمه كل أحد، ويتجلى هذا ظاهرا في حرص كل انسان على تحسين صورة بلده والدفاع عنه وبذل المهج دونه والرغبة في العودة اليه، وهذا من الأمور المعلومة، وإذا أردتم دليلا على ذلك فاسألوا المهجرين والمهاجرين واسألوا المسافرين والمرتحلين، وكما قيل:
وكم من منزل في الأرض يألفه
الفتى وحنينه أبدا لأول منزل
حب الاوطان أمر أودعه الله عز وجل في قلوب البشر، وهذا نبيكم صلى الله عليه وسلم حينما نزل الوحي عليه في اول ما نزل جاء إليه ورقة بن نوفل لأجل أن يسليه، فكان مما قال له: انك سيصيبك من أذى قومك ما قد اصاب قبلك من اخوانك الأنبياء، ولم يكترث النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الأذى الذي سيحل به، لكن استوقفه لما قال له ورقة بن نوفل: وما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا عودي وأخرجه قومه، فلم يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن العداوة التي ستحصل له، لكن سؤاله كان أمخرجي هم؟
فرأى صلى الله عليه وسلم أن ألم الإخراج من البلد أعظم من ألم العداوة والأذى الذي سيصيبه من قومه، لماذا؟ لأن بلده هذا علق الله عز وجل محبته في قلبه كأي بشر، ولهذا لما خرج صلى الله عليه وسلم بعد ان استنفد وسعه وبذل قصارى جهده في سبيل دعوتهم، لكن لما وصل الأمر الى ارادة قتله امره الله بالهجرة من مكة الى المدينة، فقال حينما هاجر وقلبه صلى الله عليه وسلم يعتصر ألما وعينه تدفع وهو يفارق بلده، فيقول: ما أطيبك من بلد، ثم قال: ولولا أن قومك أخرجوني منك ما خرجت.
لا شك أن هذا فيه دلالة واضحة على تعلق الإنسان بالبلد الذي يعيش فيه، وكذلك ايضا نشأ وترعرع فيه. في هذا الشهر من كل سنة في هذا البلد، ترتفع الشعارات الوطنية والتغني بحب الوطن وانشاد القصائد واستجلاب المغنين ورفع الاعلام واقامة المسيرات، كل ذلك بدعوى حب الوطن، والفرح له، والسؤال الذي يجب ان يطرح: هل هذه الامثلة التي ذكرت هي المواطنة الحقة؟ وهل هذا هو حب الوطن الحقيقي الذي اراده الله عز وجل منا؟ هل هذا او هذه التصرفات هي شكر لله عز وجل حقيقة على ما انعم به على اهل هذا البلد من نعمة التخلص من براثن الغزاة الغاصبين والمجرمين المعتدين، كما حصل في سنة 1990 لكل من عرف وشاهد.