أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أنه سيعقد اجتماعه الأول بعد عودته إلى البيت الابيض، مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في السعودية، بمشاركة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، في إطار مساعيه لوضع حد للحرب الروسية في أوكرانيا.
وقال ترامب للصحافيين في البيت الأبيض «سنلتقي في السعودية».. «ولي العهد السعودي سيشارك في لقائي مع بوتين». وأضاف أن «السعودية مكان جيد لاستضافة المباحثات مع بوتين». وجاءت تصريحات ترامب بعد بضع ساعات من مكالمة هاتفية أجراها مع بوتين اتفقا خلالها على إطلاق مفاوضات سلام حول أوكرانيا «فورا».
وتوقع ترامب «وقفا لإطلاق النار» في أوكرانيا «في مستقبل غير بعيد»، وقال إن البلد الذي يتصدى لحرب روسية، سيحتاج «في مرحلة ما» إلى انتخابات جديدة.
وقال أمس ان محادثاته مع بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي «كانت رائعة والحرب الرهيبة ستنتهي».
في المقابل، قال الكرملين «ثمة حاجة بالتأكيد لأن يعقد الاجتماع سريعا. وثمة أمور كثيرة على الرئيسين البحث فيها».
إلى ذلك، أكد وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث أمس أن المبادرة التي اتخذها الرئيس دونالد ترامب بتواصله المباشر مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن أوكرانيا لا تشكل «خيانة» لكييف، وذلك خلال لقاء مع الحلفاء الأوروبيين الذين يطالبون بمقعد لهم على طاولة المفاوضات بعدما باغتهم الطرح الأميركي.
وقال بيت هيغسيث من مقر حلف شمال الأطلسي «ناتو» في بروكسل «ليست هناك خيانة»، مضيفا «ثمة اعتراف بأن العالم والولايات المتحدة مهتمان بالسلام، سلام عن طريق التفاوض».
وعلى الجانب الأوكراني، قال وزير الدفاع رستم أوميروف، قبيل اجتماع وزراء «الناتو» في بروكسل، إن «الرسالة الآن هي أننا نواصل العمل. نحن أقوياء وقادرون».
أما ألمانيا، ثاني أكبر مساهم في المساعدات العسكرية لأوكرانيا بعد واشنطن، فبدت منزعجة بشدة من الموقف الأميركي المستجد. وقال المستشار الألماني أولاف شولتس أمس، إنه يرفض «سلاما مفروضا» على أوكرانيا، كما انتقد وزير دفاعه بوريس بيستوريوس أسلوب ترامب، وقال للصحافيين إنه «من المؤسف» أن يقدم الرئيس الأميركي «تنازلات» لبوتين بشأن أوكرانيا «حتى قبل أن تبدأ المفاوضات».
من جهتها، أكدت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن أي اتفاق بشأن أوكرانيا يتم التوصل إليه من دون إشراك الاتحاد الأوروبي سيفشل، فيما انتقدت مسارعة واشنطن لتقديم تنازلات لموسكو.
وما يزيد من قلق الأوروبيين مسارعة المسؤولين الروس إلى إظهار رضاهم عن هذه التطورات، تماما مثل المسؤولين الصينيين.
وقال السيناتور الروسي أليكسي بوشكوف «أنا متأكد من أن الناس في كييف وبروكسل وباريس ولندن يقرأون برعب التعليق الطويل الذي أدلى به ترامب حول محادثته مع بوتين ولا يستطيعون تصديق أعينهم».
لكن تصريحات الرئيس الأميركي أثارت انتقادات أيضا في الولايات المتحدة، بينها ما صدر عن مستشار الأمن القومي السابق خلال ولاية ترامب الرئاسية الأولى جون بولتون الذي كتب عبر منصة إكس «من غير المعقول أن نسمح لروسيا بتقويض سيادة أوكرانيا.. ثم خيانة الأوكرانيين بالتنازل عن أراضيهم وعن ضمانات أمنهم أو عضويتهم في «الناتو». ومن خلال تقديم هذه التنازلات وغيرها قبل بدء المفاوضات، استسلم ترامب فعليا لبوتين».
من جهتها، قالت الصين، الشريك والداعم الموضوعي لروسيا، إنها «سعيدة برؤية» واشنطن وموسكو «تعززان التواصل» بينهما.
وحاول وزير الدفاع الأميركي دحض الشكوك والانتقادات، مؤكدا أن ترامب هو «أفضل مفاوض على هذا الكوكب» والوحيد القادر على ضمان سلام «دائم» في أوكرانيا.
لكن هذا المسعى لم يثن دولا أوروبية عدة عن التشديد على ضرورة إشراك أوكرانيا في أي مفاوضات، وعلى أن تكون أوروبا حاضرة على طاولة المناقشات المستقبلية.
وحذر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته بأن أوكرانيا يجب أن «تشارك بشكل وثيق» في أي مفاوضات سلام وأن أي اتفاق يجب أن يكون «مستداما».
وقال وزير الدفاع البريطاني جون هيلي «لا يمكن إجراء مفاوضات بشأن أوكرانيا من دون أوكرانيا»، في تصريح ينسجم مع مواقف أدلت بها الخارجية الفرنسية في باريس.
ولكن بالنسبة إلى الولايات المتحدة، أصبح من واجب الأوروبيين توفير الجزء الأكبر من هذا الدعم لأوكرانيا. وسيكون من مسؤوليتهم تنفيذ ضمانات أمنية «قوية» لأوكرانيا، من دون الاعتماد على وجود قوات أميركية على الأراضي الأوكرانية.
وكان لإعلان الإطلاق «الفوري» لمفاوضات السلام بشأن أوكرانيا والخطاب الواضح لوزير الدفاع الأميركي الجديد الذي طالب فيه الأوروبيين بتولي زمام المبادرة، وقع صاعق في مقر الحلف في بروكسل.
وقال وزير الدفاع الفرنسي سيباستيان لوكورنو إن «هذه لحظة حقيقة كبرى» بالنسبة إلى مستقبل حلف شمال الأطلسي.
وأضاف «يقولون إنه التحالف العسكري الأهم والأكثر قوة في التاريخ. هذا صحيح تاريخيا، لكن السؤال الحقيقي هو: هل سيبقى كذلك بعد 10 أو 15 عاما؟».
ورأى سيباستيان مايار من معهد جاك دولور أن أوروبا يجب أن تتفاعل بسرعة وبقوة مع هذه التطورات.
وفي شأن أميركي آخر، أقامت منظمات للدفاع عن حقوق الإنسان واللاجئين دعوى قضائية على إدارة الرئيس الأميركي ترامب تطالبها بالسماح بزيارة المهاجرين المحتجزين في قاعدة خليج غوانتانامو في كوبا، حيث اعلن ترامب، الأسبوع الماضي إطلاق مشروعه لبناء مركز احتجاز ضخم يتسع لـ30 ألف مهاجر في خليج غوانتانامو. وأقام الاتحاد الأميركي للحريات المدنية ومركز الحقوق الدستورية والمشروع الدولي لمساعدة اللاجئين الدعوى القضائية نيابة عن العديد من الأشخاص، من بينهم أفراد عائلات مهاجرين معتقلين في غوانتانامو، وأربع منظمات للخدمات القانونية.
ونقل بيان للمنظمات عن لي غيليرنت من الاتحاد الأميركي للحريات المدنية قوله «من خلال إرسال المهاجرين إلى جزيرة معزولة عن المحامين وعائلاتهم وبقية العالم، تظهر إدارة ترامب أن دولة القانون لا تعني شيئا بالنسبة إليها».
ونددت المنظمات بحقيقة أن إدارة ترامب لم تقدم معلومات عن مدة احتجاز المهاجرين في غوانتانامو، وظروف هذا الاحتجاز، وما إذا كانوا سيتمكنون من التواصل مع عائلاتهم ومحاميهم.